حوار مع عبد الناصر نجم ، رئيس الهيئة العامة لترويج الاستثمارات في ليبيا

 

* المرحلة القادمة في ليبيا هي مرحلة استثمار بامتياز

* تصدير التمور لأوروبا سيكون من ضمن المشاريع المستقبلية لليبيا

* الخصخصة تحويل الملكية العامة للخاص دون التفريط في الأصول

* الصناعات الغذائية في ليبيا تمثل 6% فقط والباقي نستورده

* موقعنا يؤهلنا ان نكون موقع خدمي بالدرجة الأولى خاصة في مجال العبور

.. هذه كانت عناوين لبعض المواضيع في لقاء أجريناه مع الاستاذ عبد الناصر نجم رئيس الهيئة العامة لتشجيع الإستثمار وشؤون الخصخصة في ليبيا والذي حدّثنا عن دور الهيئة في تنويع وتشجيع الإستثمار وتذليل العراقيل التي قد تواجه المستثمرين في ليبيا خاصة في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد من خلافات سياسية انعكست سلباً على الاستقرار والذي يشكل عنصراً مهمّاً في ايّ مشروع استثماري. وبهذا خص الاستاذ عبد الناصر نجم مركز الأداء الاستراتيجي بما يلي.

س- بدايةً، هل بإمكانك أن تحدّثنا عن طبيعة ودور هيئة الاستثمار وشؤون الخصخصة في ليبيا؟

ج- هيئة الاستثمار وشؤون الخصخصة في ليبيا هي إحدى المؤسّسات التي تعنى بالجانب الاقتصادي والإستثماري في ليبيا وهي تابعة لوزارة الاقتصاد. تأسست بموجب قرار مجلس الوزراء – “اللجنة الشعبيّة العامّة” آنذاك – تحت رقم (89) لسنة 2009، وبالتالي هي من المفترض عليها وحسب قرار التأسيس أن تنفّذ سياسة الدولة فيما يتعلق بالجوانب الاقتصادية خاصة تلك المتمثلة بتحفيز النشاط الإستثماري عن طريق تشجيع رؤؤس الأموال الوطنية والأجنبية لاقامة مشروعات استثمارية في كافة المجالات الانتاجية والخدمية وتعزيز التنمية في ليبيا وتحويل جزء كبير من القطاع العام للتمليك الخاص دون المساس بالأصول الثابتة وبذلك نكون شركاء وليس بائعين وهذا وفق قانون ( 9 ) لسنة 2010 بشأن تشجيع الإستثمار ولائحته.

كما ان المؤسسة تتكون من اربعة فروع، الغربيّة والشّرقيّة والوسطى والجنوبية وهي بالتالي تسعى إلى تحقيق هدفين رئيسيّين الأوّل منهما يختص بتحفيز النشاط الإستثماري بليبيا والذي كما اسلفت ينظمه قانون (9) لسنة 2010، أمّا الثاني فيهتم بمعالجة بعض المشاكل التي تواجه عدد من المؤسسات الحكومية عن طريق خصخصة بعض الوحدات الاقتصادية التابعة له والتي تنظمها لائحة التمليك المعتمدة سابقا.

س- بخصوص الصّناعات، كيف يمكن لليبيا أن تطوّر من الصّناعات والإستثمار فيها لتكون عامل مساعد في تنويع الاقتصاد؟

ج – موقع ليبيا يؤهلها لتكون موقع خدمي بالدرجة الأولى خاصة في مجال العبور كونها تقوم في موقع استراتيجي يوصف ببوّابة افريقيا وهذا يؤهلنا لأن نكون حلقة وصل كبيرة بين افريقيا واوروبا وحتى الشرق الأوسط، ويتطلب منا هذا أن نؤسّس قاعدة خدمية وبنية تحتية متطورة تشمل المطارات والطرق والموانئ والمناطق الصناعية والتجارية الحرّة ولذلك ومع خطط تنويع الانشطة الإستثمارية وخلق مجالات جديدة استوجب علينا أن نساير المرحلة التي توجد فيها خلافات سياسية. والامر المطمئن هو أنّنا كمؤسّسة لم نتأثر بالخلاف السياسي ولم تنقسم الهيئة بل بقيت متماسكة، وحتى مع توحيد المؤسسات الي تشهدها ليبيا في هذه المرحلة إلّا اننا لم نستهدف بذلك لكوننا لم ننقسم.

هذه الامور تجعلنا نضع خطط تساهم في دعم مجالات التنوّع الإستثماري قد يكون للصناعات دور مهم فيها، ولكن بحكم وضع ليبيا وموقعها فإننا باعتقادي نحتاج لتطوير الجوانب الخدمية اكثر من الجوانب المتنوعة وهي مهمة، فمثلاً نحن الآن بصدد إقامة مشاريع نصدّر من خلالها المنتوج الليبي بعد دراسة السوق الأوربي، ويرد ضمن ذلك مثلاً تصدير التمور لأوروبا والذي يعدّ من ضمن مشاريعنا المستقبلية.

لذلك التصدير والتنوع الخدمي والمتمثل باستغلال الموقع الجغرافي له اهمّيّة كبرى في هذه المرحلة فدعم الصناعات المحلية مهم، خاصة في الجانب الغذائي، فليبيا تمثل الصناعات الغذائية فيها ما يقارب ال6% فقط والباقي نستورده، وهو رقم مفزع في دولة استهلاكية لذلك اخذت الهيئة مؤخراً بدعم هذا القطاع وبالفعل خرجت للسوق بعض المنتوجات الغذائية المحلية كمصانع الريحان للصناعات الغذائية ببنغازي ومصانع النسيم للمنتوجات والصناعات الغذائية بمصراته ومصانع المزرعة والمروج وبطرابلس وغيرها ولكنها ضئلت بالمقارنة بعدد المدن المنتجة في ليبيا والتي نقول إنّها مدن تسعى أن تكون تجارية وصناعية ومجموعها 8 مدن من اصل 28 مدينة.

س- في ظلّ هذه الازمات السياسية، كيف يمكن لكم العمل في تطوير هذا القطاع المهم؟

ج- ليبيا الان تختلف عن ليبيا قبل وخاصة أنّ هذه المرحلة هي مرحلة استثمار بامتياز. ولكن ليبيا الان تواجه الكثير من التحديات على جميع الصعد، فعلى الصعيد الاقتصادي والاستثماري اصبح واجباً على الهيئة العامة لتشجيع الإستثمار وشؤون الخصخصة المساهمة بفعالية اكبر في توجيه وإدارة النشاط الاستثماري ومن هذا المنطلق وتحقيقاً لهذا الهدف أعتمدت الهيئة خلال الفترة الماضية عدداً من السّياسات كان اوّلها هو ترتيب البيت الداخلي للهيئة ومنع انقاسمه ونجحنا فيه والحمد لله. ايضا استغلّينا فترة الركود التي تمرّ بها البلاد للعمل على تطوير البنية التحتيّة والتكنولوجيّة للهيئة بكافة فروعها في ليبيا وبهذا تمكّننا من اتمام عملية الربط الالكتروني وتفعيل الإطار الالكتروني للخارطة الاستثمارية  – وهي خارطة ستقدّم معلومات مفصلة حول ليبيا وكيفية الاستثمار فيها. ايضا قمنا بمراجعة جميع العراقيل التي تواجه ملفي الاستثمار والخصخصة.

ومن ناحية تطوير هذا القطاع الاستثماري والتجاري في ليبيا فنحن الان بصدد اطلاق وتدشين المنطقة الحرة ببنغازي” المريسة ” والتي نسبة الانجاز فيها وصلت إلى 88% وهي نسبة جيّدة. نعم تأخّر هذا المشروع إلا أنه سيكون جيداً ومفيداً للليبيّين. ايضاً ما نسعى له هو تذليل العقبات المتعلقة بالتشريعات والقوانيين لقوائم المرحلة المقبلة التي نسعى أن تكون استثمراية بامتياز ونقلل الاعتماد على النفط.

وبذلك فإن الاتجاهات الحديثة في كثير من الدراسات الإستثمارية تبيّن أنّ الآليات الصحيحة للإستثمار هي تلك التي تعزز من دور القطاع الخاص وتخلق روابط مع الاقتصاد المحلي، ومن هذا المنطلق عملت الهيئة على تعزيز التّوجّه عن طريق تشكيل لجنة استشارية متخصصة تضم ممثّلين عن العديد من القطاعات الاقتصادية على المستوى البلدي بقصد حصر الفرص الاستثمارية وتسهيل عملية تضمينها بالخارطة الإستثمارية المزمع اطلاقها قريبا، واعتقد أنّ العمل بهذه الخارطة سيكون في مطلع عام 2019م.

س- اشرت في بداية حديثك إلى أنّ الهيئة تعمل من ناحيتين: الأولى استثمارية والثانية تتعلّق بالخصخصة… هل لك أن توضح اكثر؟

ج – نعم. الشق الأول ينقسم إلى اربعة مواضيع بدايتها الاحصاءات الرئيسية للنشاط الإستثماريّ، وهنا نوضح أنّ عدد المشاريع المسجلة بالهيئة على مستوى ليبيا وصل إلى ال650 مشروع وكان ذلك نهاية عام 2017. هذا وقد بلغت تكلفة هذه المشاريع ال60,454,898,543 دينار ليبي وهو رقم معقول مقارنة مع حجم المشاريع، كما وضعت له الخطط التي تتعلق بالتمويل وتنويعه منها ما يقارب ال260 مشروع لازالوا بمرحلة التأسيس، تبلغ تكاليفها الاستثمارية قيمة ال61 مليار دينار ليبي والعدد الكامل 200 مشروع داخل مراحل التنفيذ بقيمة 150 مليار.

باختصار، من ناحية تشجيع الإستثمار فهناك العديد من المواضيع، ولكن فيما يعني الخصخصة فنحن نرى أن الخصخصة مهمة خاصة مع هيئة التمليك التي تقوم بدراسة المشاريع القائمة والتي قد تكون غير مجدية وترى بضرورة تغيّر مسارها وتمليكها للمواطنين ومتابعتهم ومتابعة انشطتهم التجارية والاقتصادية، لذلك فإنّ الخصخصة مهمّة. نحن قمنا بدراسة حالات وتجارب دول سبقتنا مثل دول البلقان التي انتقلت من النظام الاشتراكي للنظام العام في إدارة المؤسسات الاقتصادية وتفعيل الاقتصاد وما هي المراحل التي مرّت بها هذه الدول واجرينا العديد من الحوارات المجتمعية مع الجامعات والمراكز الاقتصادية وغيرها من الجهات المعنيّة بهذا وتوصّلنا لجملة من التّوصيات التي قدّمناها للجهات المعنية والتي بدورها سيكون لها الافضلية في نقل المنظومة الاقتصادية من شبه النظام الاشتراكي الذي كان يعمل به النظام السابق وفق مقولة ” شركاء لا اجراء” إلى تحقيق مشهد اقتصادي متنوع.

(حوار وتصوير \ محمد الصريط \ ليبيا \ خــاص بمركز الأداء الاستراتيجي ( مدريد

Back To Top