عن أمازيغ ليبيا… حوار مع النّاشط عمرو سفيان

عن أمازيغ ليبيا… حوار مع النّاشط عمرو سفيان

لطالما كان يردد عدد كبير من الليبيين أنهم شعب ابيض لونه واحد لا يوجد عنده مزيج ألوان، وهذه الفرضية سرعان ما اندثرت خاصة بعد انهيار منظومة الحكم السابقة التي كانت تروّج لفكرة أنّ “الأمازيغ أصلهم عرب”. وإذا بشريحة واسعة من الليبيين تكتشف فجأة أنّ هناك أمّة ليبيّة تتكلّم نفس لكنتهم وتلبس نفس ملابسهم ولكنها ليست “عربية”. والذي زاد الاستغراب لدى البعض هو ظهور “علم الامازيغ” بشكل مفاجئ أيضاً، فطيلة العقود الاربعة الماضية لم يعرف الكثير من الليبيّين من هم الامازيغ تحديداً، أو حتّى هل هناك امازيغ في ليبيا.

 وحول هذا الموضوع كان لنا هذا اللقاء مع عمرو سفيان، الباحث والناشط الامازيغي، عضو برلمان الامازيغ وكذلك عضو بمؤسسة ابوليوس.

س – ما موقف بعض الامازيغ من مسودّة الدستور الليبيّ؟ وفي حال رفضه البّعض من الامازيغ فما هي الاسباب؟

ج – موقف الامازيغ جميعهم واضح جداً، فمنذ إجماعهم على مقاطعة انتخابات لجنة الدستور لم يشارك اي “أمازيغي ليبي” في انتخابات لجنة السّتّين نظراً لإيمانهم المشترك باهمية الحفاظ على تاريخهم ولغتهم وهويّتهم. ونظراً للطريقة الفاضحة التي حاول فيها بعض “العرب” أن يرسلوا فيها رسالة للأمازيغ فحواها أنّهم مواطنون أقل حقوقاً وأقلّ مواطنة من “العرب الليبيّين”، وقد ورد ذلك من خلال منحهم الامازيغ كرسيّين فقط – تمثيل دستوري وبرلماني مقبل – لسبعة مدن امازيغية وكذلك عدم موافقتهم على مشروع التّوافق الّذي اقترحه “المجلس الاعلى لامازيغ ليبيا” والذي تبنّاه الشارع الامازيغي وعبّر عنه عبر العديد من المظاهرات في المدن الامازيغية والعاصمة طرابلس.

فقد رفض حينها بعض الاخوة العرب إمكانيّة التّوافق واصرّوا على اعتماد منحى دكتاتوريّة الاغلبية والمغالبة، واليوم يستمرّ الشّارع الامازيغيّ في مقاطعته لهذه المسودة الّتي تؤكّد عدم المساواة بين ابناء الشعب الواحد في التفرقة بين مستوى حقوقهم اللغوية والثقافية وتجسّد المصطلحات العرقيّة العنصريّة في تأكيدات بأنّ ليبيا جزء من كيانات (عربيّة)، وكأنّه لا مهرب من الفكر العرقي المقيط عند كتابة هذه المسودّة الضّعيفة.

س – هناك مجموعة من الامازيغ قد وقّعت على المسودّة، وبمعنى أصحّ فهي موافقة عليها، هل هذا يعني أن هناك اختلاف في وجهات النّظر حتّى بين الامازيغ أنفسهم؟

ج – السؤال غريب جدا… لا يوجد توقيع اساساً على مسودة دستوريّة، وامّا عن الموافقة عليها فالشّارع الامازيغيّ رافض لهذه المسودّة بكلّ اشكالها وتجسيداتها، وقد برز ذلك عبر أمور عدّة من المظاهرات في الشارع إلى اجتماعات الحراك المدني وإلى القيادات المنتخبة وكذلك الممثّلين، وأضيف إلى ذلك أنّ مؤسسة ابوليوس أظهرت عبر استبيان لها قامت به في مدينة زوارة أنّ 91% من المشاركين يبرزون رفضهم القاطع لهذه المسودة.

وهذا امر منطقيّ جدّاً، فليس من المعقول أن تطلب من مواطن ما أن يوافق على مسودة دستورية تؤكد على أنّ حقوقه اللغويّة والثقافيّة هي أقلّ درجة من حقوق مواطنين من عرق اخر في ذات البلد وذلك باسم امتداد منطق الغلبة وكذلك استمراراً في موقف تاريخي قوميّ مبنيّ على فكرة تدمير التاريخ والثقافة الامازيغية. يذكّرنا ذلك بأنّ معمّر القذّافي كان قد اوضح موقفه من القضيّة بتزويره الكتب وفرضه المناهج التعليمية القوميّة المؤدلجة وقتل وقمع كل من تحدّث عن هويته وثقافته من الامازيغ.

س – ما موقفكم ممّا يتردّد حول فرضيّة أنّ الامازيغ يريدون تقسيم ليبيا أو الانفصال عنها؟

ج – اسم ليبيا (الليبو) هو اسم امازيغي بحدّ ذاته، ليبيا كلّها امازيغية التاريخ والهوية، ومع احترامنا الكامل وتشجيعنا للتّعدّديّة الثّقافيّة في ليبيا إلا أنّنا نرى التاريخ كما هو عليه، لذلك فإنّ فكرة التّقسيم هي فكرة ساذجة جدّاً بالنسبة للأمازيغ، فكيف لنا أن ننقسم على ذواتنا؟

فزّاعة التقسيم الجغرافي هي فزّاعة خلقها بعض القومجيّين العروبيّين بقصد إشعال الرّأي العام ضد الامازيغ، في حين أنّ خوف هؤلاء الحقيقي قادم من خوفهم من الاستقلال الثقافي للامازيغ وإنهاء التّبعيّة الثّقافيّة لفكرهم العرقي الذي اثبت فشله الذريع على كلّ الاصعدة.

س – شارك الامازيغ في حروب ضد الإيطاليّين ولهم بصمة واضحة في الجهاد ولم تقم مشاكل أو حروب من قبل المكوّنات الاخرى إزاء الامازيغ، كيف ينظر الأمازيغ لهذا الامر؟

الأمازيغ دائماً سوف يدافعون عن الوطن وقصص نضالهم تمتدّ لآلاف السّنين… واليوم سوف يناضل الأمازيغ من أجل تاريخ هذا الوطن وهويّته وحقوق ابنائه. ليس للأمازيغ مشكلة مع أيّ مكوّن أو كيان اجتماعيّ في ليبيا، مشكلتنا مع من يريدون سلب حقوقنا ولا يريدون أن نتساوى في الحقوق ولكنّهم يريدوننا ان نتساوى في الواجبات!

س – هل يرى الأمازيغ أنّ الحلّ يكمن في الاتفاق السّياسيّ المبني على التّوافق؟

بالطبع المجلس الاعلى ومنذ 2013 إنذر بأنّ ثقافة الإقصاء وتقسيم الكعكة بين رهبان العنف والسّلاح سوف تؤدي لسقوط لا مناص منه للمنظومة ككلّ.

اليوم يرى نشطاء الأمازيغ وقياداتهم السياسية أنّ التّوافق المبني على المساواة في الحقوق والاحترام المتبادل وتقبّل اللامركزيّة وتوزيع الموارد والسّلطات بشكل عادل وممنهج، وكذلك عدم فتح المساحة لرهبان العنف لفرض شروطهم ومطامعهم على ابناء الوطن، ستكون كلّها الخطوط العريضة لمشروع حلّ سياسيّ حقيقيّ.

حوار من إعداد محمّد الصّريط

Back To Top