انتخابات مشروع الدستور… بداية لنهاية المرحلة الانتقالية؟ ـ محمّد الصّريط

انتخابات مشروع الدستور… بداية لنهاية المرحلة الانتقالية؟

يعتقد الكثيرون من مراقبي الشّأن الليبي أن أولى نواة الاستقرار في ليبيا ستتمثّل بوضع حدّ للخلافات حول الشرعية القائمة بين مجلس النّوّاب والمجلس الأعلى للدولة، وذلك من خلال تنظيم انتخابات جديدة تلغي جسمين اساسيّين متصارعين.

إلى جانب ذلك، ترد اهمّيّة تحديد الشكل القانوني للدولة وكذلك ضرورة الاتّفاق على شكل التعامل ما بين السلطة التنفيذية والمواطن، من خلال اعتماد عقد سياسيّ اجتماعيّ كامل متنوّع يطلق عليه اسم الدستور.

محاور إيجابيّة…

مسألة مناقشة مسودّة الدّستور وكذلك قانون الدّستور الّذي أعتمده البرلمان مؤخّراً وقدّمه للمفوضيّة العليا للانتخابات والتي بدورها وافقت عليه ليكون جاهزاً للتّصويت قريباً، اثارت الكثير من الجدل، حيث يرى قويدر إبراهيم، البّاحث المهتمّ بالتّشريعات الاقتصاديّة، أنّ نقاط الدستور سليمة من الناحية الشّكليّة وخصوصاً في ظرف اثبتت فيه التّجربة أنّ النظام البرلماني من الصّعب عليه أن يفكّ كلّ المعضلات. هذا ويرى قويدر ابراهيم أنّ الواقع هو أنّ الدّستور المقترح سيفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية وهي نقطة مهمّة، يضاف إليها مسألة معرفة كيف للدّستور أن يسعى من خلال نصوص واضحة إلى الحفاظ على قيم الشريعة الاسلامية وهو امر عادل إذا ما قرأناه على ضوء المسائل المتعلّقة بقضايا الحكم المحلي.

هذا ويوافق قويدر، باعتباره رجل متخصص في التشريعات الاقتصادية، على ما نصّت عليه مسودّة الدّستور فيما يخصّ المواد الاقتصادية، حيث يصفها بالجيّدة لأنّها تقرّ الاقتصاد الحرّ وتضمن حقوق المستثمرين وتراعي البعد الدولي.

…ومسائل جدليّة

أمّا الإعلامي احمد المقصبي، مدير تحرير راديو المتوسط بالقاهرة، والّذي عمل بالقرب من لجنة صياغة وإعداد الدستور، فهو يعتبر أنّه “إلى الآن، وحسب ما يطرح في وسائل الاعلام المختلفة، فلا وجود لأيّ نوع من التّوافق على مسودة الدستور الليبي، خصوصاً في ظرف يتجاهل فيه هذا المشروع مطالب التّيّار الفيديرالي”.

هذا ويتابع المقصبي، معلّقاً على مسألة النّظام السياسي المقترح في المسودة، قائلاً إنّ “النّظام السّياسيّ الّذي كان سائداً في عهد الملكيّة في خمسينيّات القرن الماضي، إضافةً الى عائق مقاطعة مكوّنات التبو والامازيغ لأعمال هيئة صياغة مشروع الدستور بسبب عدم استجابة الاخيرة لمطالبهم، يصرّ على أنّ هناك خلل في هذا الجانب”.

وفي سياق متّصل، يقول أنيس الجالي، وهو قانونيّ وعضو مؤسس لحراك “لا لتمديد المؤتمر الوطني العام”، منتقداً المسودّة، إنّها ” تناولت مواد كان يفترض عليها ألّا تتناولها كونها من الحتميّات، والمقصود هنا مسألة الهويّة الليبيّة العربيّة الاصيلة الّتي يفترض عليها ألّا تكون محلّ نقاش، مثلها مثل مسألة الدّين الاسلامي المعتدل”.

هذا وينتقد الجالي ايضاً قضيّة الاعتماد الفيديرالي الغير معلن، حيث يعتبر أنّ “وحدة التّراب الليبيّ يجب عليها ألّا تكون محلّ نقاش وطرح”، رافضاً أيّ شكل من أشكال التقسيم وذلك تحت ايّ حجّة.

كما يضيف الجالي في انتقاده لمسودّة الدّستور انّها حسب ما يرى لم تنصّ على استقلاليّة الجيش الليبي المعترف به من قبل البرلمان.

بوادر لتعميق الخلاف؟

غير أنّ صلاح البكّوش، وهو محلّل سياسيّ، يرى أن البرلمان، باعتماده قانون الاستفتاء على الدستور واستحداث معيار التعليل – أي أن يصوّت المواطن بـ”نعم” ويوضّح لماذا قال نعم أو بـ “لا” ويوضح لماذا قال “لا” -، لعلّه اعتمد هنا إجراءً عبثيّاً قد يساهم في تعميق الخلافات في ليبيا.

غير أنّه، وفي نهاية المطاف، فالجدل ليس بالحجم والشكل الضّخم جدّاً، فالرّأي العام الليبيّ، حسب ما استنتجه مركز الأداء الاستراتيجي بعد طرحه أسئلة محدّدة لعينة عشوائية من ممثّلي المجتمع المدنيّ، يرغب في التصويت والموافقة على مسودّة الدّستور كونها تمثّل خطوة محوريّة في سبيل إتمام المرحلة الانتقالية والدخول في مرحلة الاستقرار.

محمّد الصّريط

Back To Top