الملك ليبيا والحديد والصلب: حوار مع الدكتور محمد عبد

ليبيا، الحديد والصلب: حوار مع الدّكتور محمد عبد المالك، مدير الشّركة الليبية للحديد والصلب بمصراته

. استطعنا ان نكسر حاجز الاعتماد على النفط

. 96% من العمالة هي وطنية ونحقق الاكتفاء الذاتي

. مع استقرار البلاد، سيزداد الطلب على “الصلب” ونحن نستعدّ لذلك

. المنافسة تساهم في تطوير الاقتصاد وانعكاساتها ايجابيّة على الصناعة

يُساهم قطاع الصناعة في ليبيا ما نسبته 13 % من تزويد الاسواق المحلية بالسلع، وهو مؤشّر ليس بالجيّد وانعكاساته الاستراتيجيّة قد تكون سلبيّة، لكن وفي الوقت نفسه لو نظرنا إلى حال بعض الصّناعات، قد تبدو حينئذٍ الصّورة أكثر إيجابيّة وخصوصاً لمن يعلم أنّ قطاع الصّناعة والمتمثّل في صناعة الحديد والصلب في ليبيا يتمتّع بسمعة أقلّ ما يقال عنها هو أنّها ممتازة مقارنةً بمحيط البّلاد الافريقي والعربي.

الشّركة الليبية للحديد والصّلب القائمة في مدينة مصراته تقع ضمن المشاريع العملاقة الّتي ساهمت في تطوير هذا الجانب من القدرات الليبيّة، وبحكم تمسّكنا بالحصول على تفاصيل أدقّ حول هذا الموضوع، كان لنا هذا الحوار مع مدير الشّركة الليبية للحديد والصلب بمصراته، الدكتور محمد عبد المالك.

ستراكتيجيا – أوّلاً، كيف تعرّفون عن الشّركة الليبيّة للحديد والصلب وعن اقسامها ووحدتها الانتاجية والصّناعيّة؟

د. محمد عبد المالك – مضمار العمل والصناعة الحقيقي للشركة، أو ما نطلق عليه اسم “التشغيل التجاري”، كان في عام 1989 حيث دشّننا آنذاك طاقة تصميميّة سنويّة بلغت 1500,000 طن من الصّلب السّائل، وقد تمّ تطوير وزيادة هذا الرقم الانتاجي حتى وصل إلى مجموع 1800,000 طن، وهنا استخدمنا اسلوب الاختزال وهو اسلوب فنّيّ مباشر لمكورات اكسيد الحديد عالية الجودة المختزل مع الخردة المتوفرة محلّيّاً.

امّا العمليّة هذه فتحدث من خلال استخدام أفران القوس الكهربائي لإنتاج المنتجات الوسيطة (عروق – كتل – بلاطات) والّتي تستخدم لاحقاً تحت شكل مواد خام بمصانع الدرفلة الطوليّة بغاية إنتاج حديد التسليح والقطاعات ومصانع الدرفلة المسطّحة لانتاج اللفّات والصّفائح المدرفلة على الساخن وعلى المجلفنة والمطليّة.

هذه تفاصيل فنّيّة اعطيها باختصار شديد حول آليّات عمل المصنع المكوّن اساساً من أقسام ووحدات كبيرة حيث أن المصنع يقع في منطقة قصر حمد بمصراته ولديه ميناء ومحطة كهرباء خاصة به تغذي الافران ووحدات وقطاعات المصنع المتعددة والكثير غيرها مثال مصنع الاختزال المباشر ومصنعا الصلب 1و2 ومصنع درفلة القضبان والأسياخ ومصنع القطاعات الخفيفة والمتوسّطة ومصنع الدرفلة الباردة ومصنع الجلفنة والطلاء ومصنع الجير والدولومايت والمرافق الأساسيّة، كلّ هذه القطاعات والوحدات تشكّل الهيكليّة العامّة للمصنع الكبير للحديد والصلب.

ستراكتيجيا – ماذا عن العمالة الوطنية ودورها في هذا الجانب من الصناعة؟

د. محمد عبد المالك – يعمل بالشّركة العامة للحديد والصلب بمصراته ما يقارب عن 6900 موظف ليبي، أي ما نسبته 96% من مجموع الموظّفين، بينما الايدي العاملة الأخرى الاجنبية تصل نسبتها إلى 4%. وبهذا استطعنا أن نقلّص البطالة لدى شريحة واسعة من العاملين والباحثين عن العمل في ليبيا من الليبيّين.

ستراكتيجيا – ما طبيعة الخطط والاستراتيجيّات التي وضعتموها بهدف تطوير ومواكبة التّقدّم في هذه المجالات؟

د. محمد عبد المالك – لدينا خطط مستقبليّة لتطوير وتحسين العمل والانتاج بما يتواكب مع السوق وطبيعة الطّلب، وذلك لرفع الطّاقة الإنتاجيّة في ليبيا، تحديداً في الشّركة الليبيّة للحديد والصلب، من مستواها الحالي الذي يتراوح ما بين 1800,000 و2000,000 طن إلى 4000,000 طن. وبالفّعل أطلقنا عدّة مراحل بغاية تحقيق هذا الهدف وذلك من خلال عمل مجموعة فنّيّة وعلميّة اعتمدت اساليب متطوّرة، حيث في المرحلة الأولى تمّ تنفيذ مصنع وهو يقع ضمن خطّة “غلفة القطبان” (بسعة 800 الف طن في السنة) الّتي تساعدنا على منافسة الاسواق الإقليميّة والعالميّة.

فعندما تستقرّ البّلاد سيزداد الطّلب على الحديد وبالتّالي يكون بوسعنا تغطية متطلّبات السّوق المحلّيّ بالكامل والتّصدير للخارج.

كما أنّه ضمن الخطّة فهناك العديد من المصانع النوعيّة الجديدة التي تمّ إنجاز ما نسبته 90% منها حيث أنّ التّركيبات وتجارب التّشغيل وصلت في الكثير من الحالات لدرجة ال100%، وهذه التّطوّرات هي كما اسلفت من ضمن خطط التطوير الجديدة التي تستهدف تحسين الانتاج وخلق نوعيّات جديدة من هذه الصناعة.

لا أخفي عليك أنّ خطّة التطوير تعطّلت لفترة مؤقّتة اثناء السّنوات الاخيرة بسبب الظّروف الّتي مرّت بها البّلاد، إلّا أنّنا الآن نعيد إنجازها من جديد عبر إنشاء مصنع لإنتاج الحديد الإسفنجي ومصنع للصهر خاصّ ونوعيّ يُعرف بـ” عروق الصلب”.

ستراكتيجيا – ما أثر المنافسة على باقي المصانع التي تعمل في هذا المجال سواء كان في ليبيا أو في غيرها من البّلدان؟

د. محمد عبد المالك – بطبيعة الحال، إنّ المنافسة الجيّدة لها أثر ايجابيّ على الجميع، ومردودها على الاقتصاد الوطنيّ مثمر ومفيد.

نعم، مصنع الحديد والصلب بمصراته ضخم وله وحدات ومصانع خاصّة به كبيرة جدّاً وهو رادف مهمّ للاقتصاد الوطني إلا أنّ المنافسة هي شيء حضاري وصحي ومفيد لتطوير هذا المجال. الانفراد لا يمكّننا من تطوير هذا القطاع فالمنافسة امر طبيعيّ وهذا لا يقتصر على قطاع الصناعات الصلب فقط بل نجده في مختلف المجالات.

كما أنّ المنافسة تساهم في تطوير الاقتصاد وانعكاساتها ايجابيّة على الصناعة. الكلّ يريد ان يحسّن من جودته وبالتالي يساهم في تقديم منتوج بمواصفات عالية الجودة وهنا المردود سيكون إيجابيّاً على الكلّ.

ستراكتيجيا – أخيراً، كنت قد تحدّثت عن مسألة التّصدير للخارج، هل يمكنك أن توضح ذلك أكثر؟

د. محمد عبد المالك – نعم، نحن نقوم بتصدير كمّيّات جيّدة لبعض المنتوجات التي تقوم الشركة الليبية للحديد والصلب بإنتاجها من مصانعنا المختلفة خاصة تلك التي تزيد عن حاجة السوق، كما نقوم بدراسة السوق من حين لآخر من خلال مكاتب استشارات خاصة بالشركة لمعرفة الفترات الزمنية التي قد يزيد فيها الطلب على المنتوج والفترة التي يقلّ فيها الطلب، وعلى ضوء ذلك يتمّ تشخيص الاحتياجات ونلبّيها ومن ثمّ فإنّنا نتجاوب وبعض الطّلبات الخارجيّة، ولم يحدث إلى الآن أيّ نقص في منتجاتنا.

نصدّر كما اسلفت في السابق لافريقيا ولأوروبّا وللدّول العربيّة وهنا يزيد الطلب على المنتوج الليبيّ الخاص بشركتنا وذلك لتطابق المنتوج بالمواصفات العالمية.

اعدّ الحوار محمّد الصّريط، صحفي وباحث في مركز الأداء الاستراتيجي

ليبيا: النّفط وحروب السّيطرة – محمّد الصّريط

ساهم اكتشاف النفط في ليبيا، في وقت كانت فيه الدولة الليبية الناشئة تحتاج فيه للكثير من القدرات المادية للمساعدة في نهوض الدولة، في دخول البّلاد في طفرة ومعرفتها قفزة نوعيّة ما زالت نتائجها واضحة اليوم.

ففي عام 1958، تمّ اكتشاف 29 مليون برميل احتياطي في إحدى الحقول الليبيّة، وكان ذلك بحدّ ذاته مؤشّراً على وجود ثروة ضخمة من الذهب الأسود في البّلاد، ما قاد آنذاك حكومة رئيس الوزراء مصطفى بن حليم إلى التّخطيط لعدد من المشاريع التنموية القاصدة تحويل ليبيا من دولة فقيرة تعيش على الهبات والمساعدات إلى دولة نفطية لها مستقبل واعد.

لكن “المشاغبات السياسية” التي حدتث في فترة حكم القذافي لليبيا انعكست سلباً على مجال تطوير هذا القطاع، ولعلّ “قضية لوكربي” وسنوات الحظر والمنع الّتي تبعتها وفق قراري مجلس الامن رقم (731 و748)، كان لها الأثر الأكثر سلباً على القطاع النفطي، خاصّة وأنّ ليبيا دولة نفطيّة تعتمد في تطوير تقنيّاتها على الاستجلاب من الخارج. وبسبب تلك الأعمال، والّتي اعترفت ليبيا عام 2003 بمسؤوليّتها إزاءها، تأخّرت صيانة المنشآت النفطية طوال فترة الحظر. ونستطيع أن نفهم هنا كيف أنّ هذه العقوبات، في تلك الحقبة، اثّرت على المشهد التّنمويّ بالكامل حيث أنّ النفط هو مصدر الدّخل الرّئيسي لليبيا.

تطوّرات ما بعد حكم معمّر القذّافي

ومع “الرّبيع العربي” (٢٠١١)، بقي قطاع النّفط موقع اهتمام وتطوّر ملحوظين. وبعد سقوط حكم القذّافي، بدأت بوادر الحرب على النفط تعلو في الأفق، ومن المؤشّرات على مدى الاحتقان الّذي عرفته البّلاد آنذاك الشّعارات الّتي رفعها البّعض مردّداً عبارات مثل “النفط يخرج من تحت اقدامنا ليذهب لطرابلس ونحن فقراء”.

 وظلّ هذا الشعار يتبنّاه الكثيرون من دعاة التيار الفيدرالي، ممّا جعل بعضهم يقدم على غلق الموانئ النفطيّة نظراً إلى خطر اقتحامها من قبل مجموعات مسلّحة، بينما برزت مشاحنات بل وحروب نجد ضمنها تلك الّتي خاضها بين بعضهم البّعض كلّ من الجيش الوطنيّ الليبيّ بقيادة خليفة حفتر، و”حرس المنشآت النفطية” الواقع آنذاك تحت قيادة ابراهيم الجضران، وهو الرّجل الّذي تبنّى التيار الفيدرالي، بينما نصبه بعض من مؤيّديه “والياً على برقه”.

ومن جرّاء هذا الوضع، فقد بدأت طبول الحرب الأهليّة بالدّقّ، حيث كان لمجموعات مسلّحة من الغرب الليبيّ أن تطلق حرب “الشروق”، وهو خلاف اندلع يوم 13-12-2014. حرب الشّروق دعت إليها كتائب عسكرية متواجدة في مدن الغرب (مصراته، زليتن، تاجوراء، طرابلس، جنزور، غريان، الزاوية، الخمس) وكذلك بعض مناطق الجبل الغربي، بحجّة سيطرة مجموعة ابراهيم الجضران على الموانئ ومنعه للبواخر والناقلات النفطية من الدخول لها بذريعة أنّ المؤسسة الوطنية للنّفط التي يسيطر عليها اهل الغرب تبيع النفط بدون عدادات من شأنها أن توضح الكمية المباعة. وقد ذهب الجضران إلى حدّ منع الموظّفين المحلّيّين العاملين بالقطاع النفطي من ممارسة مهامهم، وحينئذٍ فقد تجمّعت قوّات تلك المدن من غرب البلاد في منطقة الوادي الأحمر وسط ليبيا (وهي منطقة متواجدة شرق سرت وغرب بن جواد) ووقعت اشتباكات دامت يومين متتالين قتل فيها عدد من الليبيين من الطّرفين، وتدخّل بعض العقلاء والاعيان لرأب الصدع بينهم إلى أن انسحبت قوّات الشروق والّتي تحوّل فيما بعد جزء كبير منها إلى قوّات ” فجر ليبيا”.

الإخفاق في تحقيق العدالة الاجتماعية

وحول هذا الموضوع، يرى الكاتب الصحافي المتبني للتيار الفيدرالي محمد العقوري أنه، وبعد سيطرة إبراهيم الجضران على الهلال النّفطيّ، فقد اعتقد البّعض أنّ هناك نية وعمل على تحقيق “العدالة الاجتماعية”، وذلك من خلال توزيع إيرادات النفط على المناطق الليبية بالتساوي، غير أنّه سرعان ما تبيّن أنّ ما كان يردّده البعض ما هو إلّا حجّة يستخدمها البّعض بغرض الاستفادة الشخصية والفئوية.

وفي سياق متّصل، يرى الدّكتور حسن الاشلم، وهو عضو بجامعة مصراته، في حديثه عن الصراع السياسي واثره على التنمية والنفط في ليبيا، أنّ الدّولة الريعية لا يمكن ان تحقّق استقرارا سياسيا واجتماعيا إذ سيظل الجدل مستمرّاً بين المركزية السياسية والجانب الاجتماعي المنادي بالعدالة، بمعنى أنّ بعض المكوّنات الاجتماعية ترى انها تعاني الاضطهاد والتهميش بسبب المركزيّة واختزال القرار السياسي والتنموي بمناطق معيّنه، وهذه الحالة المستمرّة من الجدل، إذا لم تتطور إلى صراع وتصادم عسكري، فإنّها ستقود لركود وجمود وهذا ليس في صالح الاستقرار.

 هذا ويعتقد ايضاً الاشلم أنّ ظهور النفط في ليبيا ساهم في سقوط الفيدرالية بأوامر خارجية، فالتّقارير الصّحافية الّتي واكبت فترة إلغاء الفيدرالية في ليبيا تحديداً عام 1963 تفيد بأنّ الشّركات الاجنبية التي تملك حصص ضخمة وكبيرة في الحقول النفطية الليبية هي من طالب بإلغاء الفدراليّة لكي يتسنّى لها سهولة التعامل والتّواصل مع حكومة واحدة مركزيّة بدلاً من ثلاث حكومات (برقة وطرابلس والفزّان)، خاصّة أنّ منابع النفط والحقول النفطية تقع اغلبها وسط ليبيا وهي موزّعة بين الاقاليم الثلاثة. وبالتّالي نبتت بذرة الفساد وترعرعت وتوغّلت عبر المراحل من خلال أداء سلطة سياسية يصفها الدكتور حسن الاشلم بـ”الفاسدة” ويرى أنّها زادت في إضفاء التّهميش والظّلم على الصّعيد الاجتماعي.

السّعي للمصالح الخاصّة

أما الناشط السياسي والمحلّل من مدينة اجدابيا أشرف القطعاني، فهو يرى أنّ ليبيا تتربّع على احد عروش الصراع العالمي وهو النّفط، الذي سرعان ما ينتقل من صراع مصالح الكبار الي بركة من الدماء فيما بين الأخوة الأشقاء. ويعتقد القطعاني أن الليبيّين أوهموا من قبل بعض القوى بأنّ “الطّرف الآخر” – أي أحد خصوم الصراع السياسي في ليبيا – إذا استولى على النّفط فإنه سيحرم خصمه من عائدات الثّروة نفسها. وهنا تروّج تلك القوى – وطبعا ليس علناً – فكرة أنّ شبح التهميش سيكون مصير المهزوم ومن يفقد السيطرة على النّفط. وقد برز الصّراع بين هؤلاء الخصوم في مطلع عام 2014 بشكل اخصّ، أي ايّام اقتحام الموانئ والمنشآت النفطية من قبل ابراهيم الجضران.

ويوضّح القطعاني اسباب وخلفيات الصراع على النفط في ليبيا في عقبة سيطرة التيار الفيدرالي عليه بقيادة ابراهيم الجضران، قائلاً: “قُسّمت ليبيا الي دولتين “شرقية وغربية” يتوسّطهما النهر النفطي، وكانت كل المعارك الطاحنة تدور رحاها هناك… فلا غالب ولا مغلوب فيها”.

الآثار السّلبيّة على التّنمية

ومن بنغازي، تحدّث المدوّن احمد التواتي عن “الصّراع على النّفط والتّنمية ” في ليبيا، قائلاً إنّ الصّراع لم يبدأ بعد كون أنّ القوّة المتحكّمة فيه اساساً تسوّق نفسها لدول الغرب، مدّعية أنّها تحمي المنشآت النفطية وكذلك ما تحويها من نفط – في إشارة منه لقوّات الجيش المعترف به من قبل البرلمان. ويضيف التواتي أنّه إذا تحقّق التوافق فستكون هناك انعكاسات ايجابية على المشهد التنموي، عدا ذلك مؤشر لتحول الصراع السياسي لصراع عسكري طاحن.

ومن ناحيته، يقول البروفسور عطيّة الفيتوري إنّه ونتيجة الانقسامات السياسية للدولة فقد اصبحت المناطق التي لا تتّبع الوفاق بشكل واضح مواردها المادّيّة محدودة، وقد تسبّب هذا في حالة احتقان للبّعض وزيادة معاناتهم من جرّاء عدّة أسباب منها ارتفاع الاسعار ونقص السّيولة النّقدية في المصارف. هذا وقد أصبح الموقف معقّد لدرجة كبيرة بل وقد ينذر بصراع جديد.

اما الدكتور سليمان الشحومي، وهو خبير اقتصاديّ مقيم بدبي، فيرى أنّ مسألة السيطرة لا تقدّم في الأمر شيئا بسبب مسألة مصالح الدّول الكبرى التي لها بصمة واضحة في النفط الليبي، إلى جانب اهمّيّة قرار مجلس الأمن القاضي بسيطرة مركزية للنفط عبر المؤسسة الوطنية بطرابلس والّتي تفصل في أمور كثيرة تتعلق بهذا الشأن.

ويضيف للحديث الباحث وليد افحيمة من طرابلس أنّ التّوافق وانهاء الصراع لهما الأثر الجيد على مشاريع التنمية وتوحيد مؤسسات الدولة تحت قيادة تعترف بها جميع المكونات السياسية والاجتماعية في ليبيا وتعطيها دفعة ايجابية.

ويقول افحيمة إنّ ليبيا، كما يعلم الكثيرون، تعتمد وبنسب كبيرة على النفط إذ انّه محرّك مهمّ لرسم خطط التنمية.

اما المحلّل السّياسيّ محمد إسماعيل، من الخمس، فيعتقد أن الصّراع في الأصل هو بين الشركات الكبرى، أي شركة ايني الايطالية وشركة توتال الفرنسية، فهاتان الشركتان لهنّ نفوذ نفطي في ليبيا وقد يكون هناك صراع خفي بينهما على الاستحواذ.

لكن وفي الوقت نفسه يرى الدكتور محمد أنّ هذه المنفعة الاقتصادية لتلك الدول في حال توافقت فقد يكون ذلك مؤشّراً إيجابيّاً يساهم في إصلاح الخلاف بين الليبيين وحثّهم على التوافق، خاصّة إذا ما لعبت تلك الدّول دور الوسيط النزيه بين الفرقاء الليبيّين، وبالتّالي ستحقّق النّتائج الجيّدة من وراء استثمار علاقتهما مع كل طرف من أطراف النزاع الليبي.

مع هذا العرض للآراء، قد لا يختلف اثنان على أن الأزمة في ليبيا هي أزمة متعلّقة بطبيعة من يحكم ومن يسيطر على الأمور. ولذلك، يصرّ اغلب المهتمّين بالشأن الليبي على اهمّيّة توفير جميع الظروف الملائمة والتي تتجسّد في تحقيق مشروع مصالحة وطني شامل كامل بين كافة الليبيين ينطلق من مبدأ لا غالب ولا مغلوب ويضمن تحقيق العدالة الاجتماعية بين المكوّنات سواء كانت قبائل أو مدن أو حتى كيانات سياسيّة بغاية إنجاح التوافق الحقيقي بين الليبيّين وتمكينهم الاستفادة من ثروتهم ومردوداتها الماليّة والاقتصاديّة والتّنمويّة.

حوار مع عبد الناصر نجم ، رئيس الهيئة العامة لترويج الاستثمارات في ليبيا

 

* المرحلة القادمة في ليبيا هي مرحلة استثمار بامتياز

* تصدير التمور لأوروبا سيكون من ضمن المشاريع المستقبلية لليبيا

* الخصخصة تحويل الملكية العامة للخاص دون التفريط في الأصول

* الصناعات الغذائية في ليبيا تمثل 6% فقط والباقي نستورده

* موقعنا يؤهلنا ان نكون موقع خدمي بالدرجة الأولى خاصة في مجال العبور

.. هذه كانت عناوين لبعض المواضيع في لقاء أجريناه مع الاستاذ عبد الناصر نجم رئيس الهيئة العامة لتشجيع الإستثمار وشؤون الخصخصة في ليبيا والذي حدّثنا عن دور الهيئة في تنويع وتشجيع الإستثمار وتذليل العراقيل التي قد تواجه المستثمرين في ليبيا خاصة في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد من خلافات سياسية انعكست سلباً على الاستقرار والذي يشكل عنصراً مهمّاً في ايّ مشروع استثماري. وبهذا خص الاستاذ عبد الناصر نجم مركز الأداء الاستراتيجي بما يلي.

س- بدايةً، هل بإمكانك أن تحدّثنا عن طبيعة ودور هيئة الاستثمار وشؤون الخصخصة في ليبيا؟

ج- هيئة الاستثمار وشؤون الخصخصة في ليبيا هي إحدى المؤسّسات التي تعنى بالجانب الاقتصادي والإستثماري في ليبيا وهي تابعة لوزارة الاقتصاد. تأسست بموجب قرار مجلس الوزراء – “اللجنة الشعبيّة العامّة” آنذاك – تحت رقم (89) لسنة 2009، وبالتالي هي من المفترض عليها وحسب قرار التأسيس أن تنفّذ سياسة الدولة فيما يتعلق بالجوانب الاقتصادية خاصة تلك المتمثلة بتحفيز النشاط الإستثماري عن طريق تشجيع رؤؤس الأموال الوطنية والأجنبية لاقامة مشروعات استثمارية في كافة المجالات الانتاجية والخدمية وتعزيز التنمية في ليبيا وتحويل جزء كبير من القطاع العام للتمليك الخاص دون المساس بالأصول الثابتة وبذلك نكون شركاء وليس بائعين وهذا وفق قانون ( 9 ) لسنة 2010 بشأن تشجيع الإستثمار ولائحته.

كما ان المؤسسة تتكون من اربعة فروع، الغربيّة والشّرقيّة والوسطى والجنوبية وهي بالتالي تسعى إلى تحقيق هدفين رئيسيّين الأوّل منهما يختص بتحفيز النشاط الإستثماري بليبيا والذي كما اسلفت ينظمه قانون (9) لسنة 2010، أمّا الثاني فيهتم بمعالجة بعض المشاكل التي تواجه عدد من المؤسسات الحكومية عن طريق خصخصة بعض الوحدات الاقتصادية التابعة له والتي تنظمها لائحة التمليك المعتمدة سابقا.

س- بخصوص الصّناعات، كيف يمكن لليبيا أن تطوّر من الصّناعات والإستثمار فيها لتكون عامل مساعد في تنويع الاقتصاد؟

ج – موقع ليبيا يؤهلها لتكون موقع خدمي بالدرجة الأولى خاصة في مجال العبور كونها تقوم في موقع استراتيجي يوصف ببوّابة افريقيا وهذا يؤهلنا لأن نكون حلقة وصل كبيرة بين افريقيا واوروبا وحتى الشرق الأوسط، ويتطلب منا هذا أن نؤسّس قاعدة خدمية وبنية تحتية متطورة تشمل المطارات والطرق والموانئ والمناطق الصناعية والتجارية الحرّة ولذلك ومع خطط تنويع الانشطة الإستثمارية وخلق مجالات جديدة استوجب علينا أن نساير المرحلة التي توجد فيها خلافات سياسية. والامر المطمئن هو أنّنا كمؤسّسة لم نتأثر بالخلاف السياسي ولم تنقسم الهيئة بل بقيت متماسكة، وحتى مع توحيد المؤسسات الي تشهدها ليبيا في هذه المرحلة إلّا اننا لم نستهدف بذلك لكوننا لم ننقسم.

هذه الامور تجعلنا نضع خطط تساهم في دعم مجالات التنوّع الإستثماري قد يكون للصناعات دور مهم فيها، ولكن بحكم وضع ليبيا وموقعها فإننا باعتقادي نحتاج لتطوير الجوانب الخدمية اكثر من الجوانب المتنوعة وهي مهمة، فمثلاً نحن الآن بصدد إقامة مشاريع نصدّر من خلالها المنتوج الليبي بعد دراسة السوق الأوربي، ويرد ضمن ذلك مثلاً تصدير التمور لأوروبا والذي يعدّ من ضمن مشاريعنا المستقبلية.

لذلك التصدير والتنوع الخدمي والمتمثل باستغلال الموقع الجغرافي له اهمّيّة كبرى في هذه المرحلة فدعم الصناعات المحلية مهم، خاصة في الجانب الغذائي، فليبيا تمثل الصناعات الغذائية فيها ما يقارب ال6% فقط والباقي نستورده، وهو رقم مفزع في دولة استهلاكية لذلك اخذت الهيئة مؤخراً بدعم هذا القطاع وبالفعل خرجت للسوق بعض المنتوجات الغذائية المحلية كمصانع الريحان للصناعات الغذائية ببنغازي ومصانع النسيم للمنتوجات والصناعات الغذائية بمصراته ومصانع المزرعة والمروج وبطرابلس وغيرها ولكنها ضئلت بالمقارنة بعدد المدن المنتجة في ليبيا والتي نقول إنّها مدن تسعى أن تكون تجارية وصناعية ومجموعها 8 مدن من اصل 28 مدينة.

س- في ظلّ هذه الازمات السياسية، كيف يمكن لكم العمل في تطوير هذا القطاع المهم؟

ج- ليبيا الان تختلف عن ليبيا قبل وخاصة أنّ هذه المرحلة هي مرحلة استثمار بامتياز. ولكن ليبيا الان تواجه الكثير من التحديات على جميع الصعد، فعلى الصعيد الاقتصادي والاستثماري اصبح واجباً على الهيئة العامة لتشجيع الإستثمار وشؤون الخصخصة المساهمة بفعالية اكبر في توجيه وإدارة النشاط الاستثماري ومن هذا المنطلق وتحقيقاً لهذا الهدف أعتمدت الهيئة خلال الفترة الماضية عدداً من السّياسات كان اوّلها هو ترتيب البيت الداخلي للهيئة ومنع انقاسمه ونجحنا فيه والحمد لله. ايضا استغلّينا فترة الركود التي تمرّ بها البلاد للعمل على تطوير البنية التحتيّة والتكنولوجيّة للهيئة بكافة فروعها في ليبيا وبهذا تمكّننا من اتمام عملية الربط الالكتروني وتفعيل الإطار الالكتروني للخارطة الاستثمارية  – وهي خارطة ستقدّم معلومات مفصلة حول ليبيا وكيفية الاستثمار فيها. ايضا قمنا بمراجعة جميع العراقيل التي تواجه ملفي الاستثمار والخصخصة.

ومن ناحية تطوير هذا القطاع الاستثماري والتجاري في ليبيا فنحن الان بصدد اطلاق وتدشين المنطقة الحرة ببنغازي” المريسة ” والتي نسبة الانجاز فيها وصلت إلى 88% وهي نسبة جيّدة. نعم تأخّر هذا المشروع إلا أنه سيكون جيداً ومفيداً للليبيّين. ايضاً ما نسعى له هو تذليل العقبات المتعلقة بالتشريعات والقوانيين لقوائم المرحلة المقبلة التي نسعى أن تكون استثمراية بامتياز ونقلل الاعتماد على النفط.

وبذلك فإن الاتجاهات الحديثة في كثير من الدراسات الإستثمارية تبيّن أنّ الآليات الصحيحة للإستثمار هي تلك التي تعزز من دور القطاع الخاص وتخلق روابط مع الاقتصاد المحلي، ومن هذا المنطلق عملت الهيئة على تعزيز التّوجّه عن طريق تشكيل لجنة استشارية متخصصة تضم ممثّلين عن العديد من القطاعات الاقتصادية على المستوى البلدي بقصد حصر الفرص الاستثمارية وتسهيل عملية تضمينها بالخارطة الإستثمارية المزمع اطلاقها قريبا، واعتقد أنّ العمل بهذه الخارطة سيكون في مطلع عام 2019م.

س- اشرت في بداية حديثك إلى أنّ الهيئة تعمل من ناحيتين: الأولى استثمارية والثانية تتعلّق بالخصخصة… هل لك أن توضح اكثر؟

ج – نعم. الشق الأول ينقسم إلى اربعة مواضيع بدايتها الاحصاءات الرئيسية للنشاط الإستثماريّ، وهنا نوضح أنّ عدد المشاريع المسجلة بالهيئة على مستوى ليبيا وصل إلى ال650 مشروع وكان ذلك نهاية عام 2017. هذا وقد بلغت تكلفة هذه المشاريع ال60,454,898,543 دينار ليبي وهو رقم معقول مقارنة مع حجم المشاريع، كما وضعت له الخطط التي تتعلق بالتمويل وتنويعه منها ما يقارب ال260 مشروع لازالوا بمرحلة التأسيس، تبلغ تكاليفها الاستثمارية قيمة ال61 مليار دينار ليبي والعدد الكامل 200 مشروع داخل مراحل التنفيذ بقيمة 150 مليار.

باختصار، من ناحية تشجيع الإستثمار فهناك العديد من المواضيع، ولكن فيما يعني الخصخصة فنحن نرى أن الخصخصة مهمة خاصة مع هيئة التمليك التي تقوم بدراسة المشاريع القائمة والتي قد تكون غير مجدية وترى بضرورة تغيّر مسارها وتمليكها للمواطنين ومتابعتهم ومتابعة انشطتهم التجارية والاقتصادية، لذلك فإنّ الخصخصة مهمّة. نحن قمنا بدراسة حالات وتجارب دول سبقتنا مثل دول البلقان التي انتقلت من النظام الاشتراكي للنظام العام في إدارة المؤسسات الاقتصادية وتفعيل الاقتصاد وما هي المراحل التي مرّت بها هذه الدول واجرينا العديد من الحوارات المجتمعية مع الجامعات والمراكز الاقتصادية وغيرها من الجهات المعنيّة بهذا وتوصّلنا لجملة من التّوصيات التي قدّمناها للجهات المعنية والتي بدورها سيكون لها الافضلية في نقل المنظومة الاقتصادية من شبه النظام الاشتراكي الذي كان يعمل به النظام السابق وفق مقولة ” شركاء لا اجراء” إلى تحقيق مشهد اقتصادي متنوع.

(حوار وتصوير \ محمد الصريط \ ليبيا \ خــاص بمركز الأداء الاستراتيجي ( مدريد

الزيوت والبنوك والحوكمة: حقائق اقتصادية في ليبيا مقسمة

على الرغم من التحسينات المحدودة ، لا يزال الاقتصاد الليبي أقل بكثير من إمكاناته ، التي يعوقها استمرار الصراع العنيف وعدم اليقين السياسي. إن الأداء الاقتصادي الضعيف في ليبيا واضح في الأعداد ، ويتضح أكثر من خلال مطالبات السكان. تم تطوير العديد من الجهود – بما في ذلك السياسات والتوجهات الاقتصادية المحددة – من قبل السلطات السياسية الليبية ، في الشرق والغرب ، لمحاولة الحد من آثار المشاكل الاقتصادية على المجتمع. ومع ذلك ، لا تزال النتائج محدودة حتى الآن.

Oil, Banks and Governance: Economic Realities in a Divided Libya

خاص – لقاء مع النّقيب فرج اقعيم وكيل وزارة الداخلية بحكومة الوفاق الوطنيّ الليبيّة

عانت ولازالت تعاني ليبيا من انقسام سياسي أفرز حكومتين احدها بالشرق والأخرى بغرب البلاد، فالأولى وهي “حكومة الازمة” التي يطلق عليها بالمؤقته جاءت عقب حرب ” فجر ليبيا ” وصراع شرعية البرلمان بطبرق اقصى الشرق الليبي ويترأسها عبدالله الثني وزير الدفاع بحكومة علي زيدان قبل اندلاع حرب فجر ليبيا عام 2013 حيث استمرت هذه الحكومة بشرعية البرلمان ولكن في اكتوبر من عام 2015 افضى الاتفاق السياسي الموقع بمدينة الصخيرات المغربية بين اطراف النزاع والخلاف في ليبيا إلى ماعرف بعدها بحكومة “الوفق الوطني” والتي ترأسها عضو مجلس النواب عن مدينة طرابلس فائز مصطفى السراج. ولكن لحسابات متعلّقة بالخلاف الليبي لم يعترف بها بشكل مباشر جزء من طرفي النزاع اللذان انقسم كل فريق منهما لفريقين آخرين فكان معسكر طبرق لديه مؤيد للحكومة وطرف معارض لها وهذا الحال ايضا شهده معسكر طرابلس او “المؤتمر الوطني العام” الذي انقسم فريق منه إلى مؤيد لحكومة السراج وفريق آخر ظلّ يرفض بنود الاتفاق السياسي.

وهذا ما زاد من تعميق الخلاف والازمة في ليبيا إلى أن وصل الامر إلى الاعتراف بمخرجات الصخيرات مع تعديلات طفيفة في احدى بنود الاتفاق. وفي خضم هذه الاحداث ظلّت حكومة الوفاق تعمل فقط في غرب ليبيا ولكن وفي الاشهر القليلة الماضية بدأت بعض الشخصيات المسؤولة وكذلك بعض الاعيان بالمنطقة الشرقية التي لايعترف مسؤوليها بحكومة الوفاق الوطني يتعاملون ويتصلون مع الوفاق ورئيسها وكان آخرهم النقيب فرج اقعيم الذي زار فائز السراج بطرابلس والتقى بوزير الداخلية المكلف عارف الخوجه والذي وبالتنسيق مع فائز السراج رئيس الحكومة عُيّن وكيل وزارة الداخلية. وفي خضمّ هذه التفاعلات كان هذا اللقاء الخاص بمركز الأداء الاستراتيجي الّذي قاده الصّحفيّ والبّاحث في المركز محمّد الصّريط مع النقيب فرج قعيم في ببيته بضواحي مدينة بنغازي.

س \ هل حسمت مسألة تبعيّتكم لحكومة الوفاق أم أنّ كلّ ما يرد في الموضوع مجرد اشاعات ولبس في الاخبار؟

 ج \ نعم لقد كلّفت من قبل وزير الداخلية المكلّف عارف الخوجة وبقرار من السيد فائز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني بليبيا لكي اكون وكيل وزارة الدّاخليّة بليبيا.

هذا التكليف جاء بعد أن تشاورت مع عدد من شيوخ وأعيان قبيلتي، قبيلة العواقير، ومع عدد من أعيان شرق ليبيا الذين باركوا هذا التكليف واعتبروه خطوة جيدة لتحقيق المصالحة وكذلك رأوا فيه نقلة جيدة في ملفّ الاتفاق السياسي وانهاء الخلاف.

س \ هل نسّقت مع الجهات التي تعتبر نفسها هي الشّرعيّة في الشرق مثال الحكومة الموازية؟

ج \ العالم كلّه وحتّى هيئات الداخل واقصد هنا التّيّارات السياسية والعسكرية بما فيهم ابرز القيادات العسكرية تحاور وتقابل مسؤولي حكومة الوفاق، لذلك لا حرج عليّ أو على غيري كما أن خطوتي جاءت بالتنسيق مع القوى الفاعلة والحقيقة وهي القوى الاجتماعية.

س \ ماهي ابرز النقاط التي تناولتها في لقاءك مع السراج والخوجه بطرابلس وهل تعتقد أنّه سيكون لها انعكاسات ايجابية؟

ج \ اعتقد أنّ اهمّ ما قاله السراج علماً بأنّه ذكر مواضيع كثيرة وعده واصداره لأوامر متعلّقة بتخصيص ميزانية جيدة لدعم مراكز الشرطة بشرق ليبيا وخاصة بنغازي، وزيادة مرتّبات الشرطة بنسبة 50%، وتطوير جهاز مكافحة الارهاب وتذليل كافة العقبات التي تواجه هذا الجهاز.

أيضا ترد اهمّيّة تطوير الهياكل الامنيّة والإدارية بهذا القطاع المهم والحيوي من خلال تزويده بكافة التقنية الحديثة لتسهل العمل بمهنية وبمعايير دولية جيّدة.

وهذه النّقاط هي أبرز ما ناقشناه ووافق عليه السراج والخوجه وهذا في حدّ ذاته تقدّم جيّد لصالح ليبيا.

س \ بالعودة للقوى الموازية في شرق ليبيا، ما دوركم وموقفكم من بعض ردود الفعل من قبل القادة العسكريّين الذين أصدروا بيانات ادانوا من عبرها هذا التكليف معتبرين أنّه محاولة لتقسيم “معسكر طبرق”؟

ج \ انا اعمل ضمن الشرعية المحلّيّة وهي شرعيّة توافقيّة مبنيّة ايضاً على ما يعترف به العالم من اجسام سياسية تمثّل الليبيين وهي ممثّلة بحكومة الوفاق الوطني.

كما أنني وعلى الصعيد الشخصي كنت ولا زلت ادعم المؤسسة العسكرية بالكامل فهي طوق نجاة الليبيين في مواجهة كافة التحديات التي تعرقل إمكانيّة قيام دولة مدينة حضارية. كفانا ارهاباً وكفانا استبداداً، ما يريده الليبييون في هذه المرحلة هو الاستقرار ولا اعتقد أنّ هذا سوف يأتي إلّا من خلال التوافق بين مكوّنات المجتمع الليبي وبناءنا لوطن تكون فيه المدنيّة عنواناً للمرحلة الجديدة.

لذلك لا اعتقد أن هناك اناس وطنييون يرفضون التوافق والوفاق بين الاطراف الليبيية التي تتنازع على المناصب وتتجاهل مصلحة المواطنين.

 س \ ما حقيقة ما يقال حول أنّ هناك حالة من النفير بين القوّات التي تعمل تحت امرتك من جهة وبين بعض القوى الموازية بشرق ليبيا من جهة أخرى؟ وهل هناك احتمالية تصادم بينكم؟

ج \ جميع القوى التي تعمل وفق الشرعية تعمل بقصد تأدية عملها ولا اعتقد أن هناك قوى أخرى شرعيّة ينبغي ذكرها هنا، فأنا شخصيّاً قمت بوضع حجر الاساس لعدد من مراكز الشرطة بمدينة بنغازي وسلوق وهي خطوات قد قمت بها ضمن الخطة المتّفق عليها مع السّرّاج حيث وضعت خطة لتأمين مدينة بنغازي من خلال تأسيس غرفة امنية مشتركة بين القوّات الامنيّة والقوّات الخاصّة، والكلّ مرحّب بذلك. نعم هناك بعض الأصوات الّتي لا تؤيد ذلك ولا تتمنّى للبّلاد سوى السّوء ولكنّ هذه الاصوات غير مسموعة ناهيك عن أنّنا سنتصدى لكلّ محاولة تهدف لزعزعة الاستقرار والأمن في ليبيا.

س \ هناك من يتّهم فرج اقعيم وقبيلة العواقير بصفة عامة بالبّحث عن فرص تخدم مصلحتهم الشّخصيّة معتبرين أنّ فشلكم في تحقيق مكاسب في الشرق وفي معسكر الكرامة قادتكم إلى اللجوء إلى السراج الّذي اخذ مطالبكم بعين الاعتبار، فما ردّكم على ذلك؟

ج \ اولاً سأوضّح لك بعض النقاط المهمّة لعلّ من أبرزها أن قبيلة العواقير تعدّ ضمن القبال التي قدّمت الكثير من ابنائها في سبيل هذه الحرب حيث زاد عدد الشهداء من قبيلة العواقير على أكثر من 1500 رجل واعداد مأهولة من الجرحى ايضاً، كما انّني وعلى الصعيد الشخصي اسست جهاز مكافحة الارهاب والذي تصدّى للكثير من الإرهابيّين الّذين جاءوا من درنه عبر “بوابة برسس” وقاموا بتفجيرات داخل بنغازي. وقد سلّمت عدداً منهم للأجهزة المعنيّة في ذلك الوقت أي تحديداً في عام 2014م ممّا جعل بعض “القادة الارهابيّين” يصنّفوني بما اعتبروه “رجل الطواغيت”. كلّ هذه المعطيات وغيرها لا تضعني في خانة الابتزاز أو ما شابه ذلك ولكن ومن باب الإنصاف فيجب عليّ أن أقول إنّه من غير المعقول أن يكون من كان بالخلف ولا يدرك أيّ شيء عن حقائق الميدان هو من يتصدر المشهد.

ازمة الكهرباء في ليبيا: حوار خاص مع عبد المجيد حمزة

 ازمة الكهرباء في ليبيا: الاسباب والحلول الواردة

 لقاء خاصّ مع رئيس مجلس إدارة الشركة العامة للكهرباء في ليبيا المهندس عبد المجيد حمزة

امام تفاقم ازمة انقطاع الكهرباء المتكررة في اغلب المدن الليبية الكبرى كمدينة طرابلس وضواحيها وبنغازي والجنوب بالكامل، فقد اضطرّت الشركة العامة للكهرباء لطرح الاحمال، وهي طريقة تقوم الشركة من خلالها بقطع الكهرباء على المدن لفترات طويلة من الوقت ثم ترجعها من جديد وبالتناوب بين المدن. امّا استمرار هذا الوضع فقد زاد من حالة الاحتقان لدى الكثير من المواطنين إلى أن خرج البعض منهم عن طورهم مثال عدد مهمّ من اهالي بعض المناطق الّذين قاموا بمهاجمة موظفي الشركة العامّة للكهرباء وتعرّضوا لهم بالضرب والاهانة.

ولمناقشة هذا الملف المهم كان هذا اللقاء الّذي اعدّه الصّحفي والبّاحث في مركز الأداء الاستراتيجي (ستراكتيجيا) محمّد الصّريط مع رئيس مجلس إدارة الشركة العامة للكهرباء المهندس عبد المجيد حمزة الّذي وافانا بوجهة نظره حول اهمّ التّطوّرات القائمة في ليبيا والمتعلّقة بازمة الكهرباء وتأثيرها على الوضع السّاري في البّلاد عموماً.

 

س \ هناك من يروج داخل ليبيا فكرة أنّ ازمة الكهرباء القائمة في البّلاد قد تكون ازمة مفتعلة لا فنّيّة كما يروّج البّعض، هل هذا الكلام قريب للواقع؟

ج \ بالطبع هذا الكلام غير منطقي وليس بالقريب ولا بالبعيد عن الواقع فالأزمة التي تمرّ بها ليبيا فيما يخص الكهرباء هي ازمة وهي ناتجة عن عدم تعاون المواطن مع الدّولة. بمعنى ادقّ فهناك عجز في الانتاج مقابل وجود قوّة استهلاك كبيرة فقوّة الاستهلاك الحالية تصل إلى ما بين 5500 إلى 6000 ميغاوات بما معناه أنّ الوضع الحاليّ يشابه ما حدث في شهر يناير من هذا العام عندما وصل عجز الإنتاج إلى ما يقارب ال1800 ميغاوات. وهذا يجعل الكثير من المحطات تخرج عن الخدمة بسبب كثرة الطلب على الكهرباء وهو ما لا يتوافق مع قدرة الانتاج ومن هنا دواعي اللجوء لطرح الاحمال.

لذلك فهذا الامر ليس له علاقة بالتوجّهات والمواقف السياسية أو غيرها بل هو امر فني بحت.

س / كيف يمكن مواجهة هذا العجز في الوقت الرّاهن وبقصد التّخفيف عن عبء المواطن الذي يعاني قلّة السّيولة وانقطاع الكهرباء؟

ج \ يجب أن يتعاون المواطن بالدرجة الأولى وأن يستوعب المرحلة الحرجة التي تمرّ بها البلاد من خلال تكثيف الجهود، وبالفعل بإمكاننا أن نخرج من هذه الازمة من خلال تكثيف الجهود والتقليل ممّا أطلق عليه تسمية ” الاستهلاك العبثي”.

فمن ناحية نحن الآن بصدد صيانة بعض المحطات المتوقفة بطرابلس لتزويد المستهلك بالإنتاج سواء كان هذا المستهلك مواطن او صناعي أو زراعي. ولكن ما نطلبه هو الترشيد في الاستهلاك وإدراك المواطن للواقع ولحجم الازمة، فعلى سبيل المثال فقد قمت شخصيّاً بزيارة إحدى صالات البيع بإحدى الاسواق التجارية بطرابلس فوجدت هذه الصالة تحتوي على ما أكثر من 1600 مصباح علماً بأنّ هكذا أمر غير مقبول حيث أنّه في الكثير من الاحيان نحن نرى أنّ إضاءة المنازل والمحلّات والشركات تجري في وضح النهار حينما يخرج الموظّفون مع نهاية الدوام دون إقفال ما لا يحتاجونه من إضاءة ومواد كهربائيّة.

ايضا يتم ايجاد الحلول من خلال اعطاء فرصة لشركات الانشاء باستكمال مشاريعها داخل المدن والمناطق ودون التعرض لها من قبل الخارجين عن القانون، وعلى هذا الصّعيد فإنّ ملاحقة الاجهزة المعنية لهم سيكون سبب مهم في اجتياز الصعوبات. 

س / هناك من يقول أن مصر وتونس والمغرب اقلّ استهلاكاً للكهرباء من ليبيا بالرّغم من وجود قاعدة صناعية اوسع واهمّ في هذه البّلاد فما تفسيركم لذلك؟

ج \ نعم هذا صحيح، انا شخصياً إتّصلت بمدير شركة الكهرباء ” استاك ” بتونس السّيّد يونس الغرابي والذي قال لي انّه في بداية هذا الصيف وصلت درجة الحرارة إلى 47 درجة مئويّة مما جعل قدرة استهلاك تونس للكهرباء تصل لـحدّ ال4524 ميغاوات وهو رقم لم تعرفه تونس من قبل. برغم من أن عدد سكان تونس 9 ملايين نسمة فهم في متوسط استهلاكهم للكهرباء لا يتعدّون ال4200 ميغاوات، بينما في ليبيا الّتي وصل عدد سكانها إلى 5.847089 مليون نسمة حسب إحصائية عام 2012 فإن استهلاك الكهرباء فيها 7350 ميغاوات بينما قدرة الانتاج 5500 ميغاوات.

لذلك فإن استهلاك المواطنين الفّعلي في عدد من الدول يعادل في أغلب الاحوال 3 اضعاف ما يستهلكه المواطن في ليبيا، وهذا يرجع لأسباب عديدة لعل الانفلات الامني وتوقف الشبكة عن الصّيانة بسبب خروج الشركات الاجنبية من البّلاد له الدّور الاكبر في خلق هذا الوضع إلى جانب النّتائج الواردة عن تمادي المواطن في التّعاون مع الشركة. 

س / لماذا قبل عام 2011 كان إنتاج واستهلاك ليبيا لا يتعرّض لازمات مثل تلك الّتي تمرّ بها البّلاد الآن؟

ج \ في عام 2010 لم يتجاوز إنتاج ليبيا الكلّي من الكهرباء ال5100 ميغاوات بينما في عام 2003 لم يتعدّى إنتاج البلاد ال4200 ميغاوات، فعندما يساوي التوليد والانتاج حاجة الإستهلاك لا تكون هناك مشكلة ولكن عندما يحدث عجز في الإنتاج وتنامي الاستهلاك هنا تحدث المعضلة. هذا وقد زادت الاحمال في ليبيا وذلك تحديداً مع نهاية عام 2012 عندما إرتفعت ووصلت حاجة المواطنين إلى ال3000 ميغاوات وهو رقم فلكيّ بالمقارنة بعدد السكان وقدرة الانتاج إلى جانب عدم قيام المواطن بسداد فواتير الكهرباء، كما انّنا نعدّ الدولة الوحيدة في العالم التي لا يقوم مواطنوها بسداد فواتير الكهرباء فيها وهو جزء اخر من المعضلة. 

س / هل هناك خطّة اعدتها الشركة للخروج من هذه الازمة نهائيا أو على المدى البّعيد؟

ج \ هناك خطّتين في الواقع، الأولى تتعلّق بالشّركة وبعملها الفنّيّ امّا الثانية فتتعلّق بالدّولة وبأجهزتها الضبطيّة والرّقابية. وفيما يخص دور الشركة فنحن الآن نقوم بتطوير محطات عدّة في ليبيا منها محطّات الخمس والزّاوية وطبرق وزويتينه واوباري وسرت وكلّها كفيلة بأن تجعل القدرة الانتاجية ذات كفاءة عالية، فمحطّة خمس ستوفر ما يقارب ال550 ميغاوات بينما محطة اوباري ستوفر 230 ميغاوات ومحطّة سرت 640 ميغاوات، وبالتّالي سيكون لدينا 8770 ميغاوات وهو رقم ضخم سوف ينهي الازمة، بالإضافة إلى الفّائدة الّتي ستنتج عن إعادة تفعيل العقود الكبيرة مع الشركات الاجنبية وهي عقود أبرمت في عامي 2009 و2010 وهي خاصّة ببناء وتطوير محطات جديدة كبيرة جدا ستجعل من ليبيا دولة ذات قدرات إنتاجيّة كبيرة جدّاً في مجال الطّاقة.

مقابلة خاصة مع السيد فايز السراج

 

لعل اهمّ ما أفرزه اتفاق الصخيرات هو كيفية خلق توافق بين الليبيين الذين انقلب عدد منهم على بعضه البعض وشكّل هذا الانقلاب حالة من التصادم ترجمت في الكثير من الأحيان إلى موجة من سفك الدماء. كانت بعض الاطراف قد تأمّلت بدايةً في أن يكون هذا الإتّفاق نواة لوضع اسس لنهاية هذا الصراع، غير أن معاهدة ضخيرات قد تحتاج في كثير من نقاطها وكما يقول عدد من الأطراف الموقّعة عليه إلى إعادة صياغة في بعض بنوده ليتحقق الوفاق المنشود.

وعلى هذا الأساس فقد قام مركز الأداء الإستراتيجي بمحاورة رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق السّيّد فائز السراج في مقابلة خاصّة ننفرد بنشر اهمّ محاورها.

 

سؤال: السيّد فائز السّرّاج، ماهي اهمّ النّقاط التي لم تتّفقوا عليها مع السّيّد خليفة حفتر اثناء لقائكم به بباريس والّتي لم تذكر في الإعلام؟

جواب: لا توجد نقاط محدّدة بذاتها فالاتفاق المبرم بباريس من المفروض أن يعكس حالة من الاستقرار والثقة في ملف الخلاف الليبي بل ويُعتبر الاتفاق الذي وقعناه في باريس هو موافقة حفتر على خارطة الطريق التي اطلقتها والتي تعدّ من ابرز نقاطها الدعوة للانتخابات في بداية شهر مارس من العام القادم.

 

س: هل تعتقد أن السّيد حفتر وبعد توقيعه للاتفاق أو المبادئ المهمة التي اصدرتموها بعد اللقاء لن يتصرّف ويعرقل الاتفاق السياسي؟

ج: نحن لا نعتقد أنه سيكون معرقلاً بقدر ما هو وما يمثله من تيار داعمين للإتّفاق، فهو طرف من ضمن اطراف الخلاف في الملف الليبي ولكنّه ايضاً مفتاح لإيجاد الحلّ.

 

س: من ابرز الّنقاط الّتي ينبغي ذكرها رفض السّيّد عقيلة صالح، رئيس البرلمان والّذي هو طرف اساسيّ في الخلاف الليبي، لخارطة الطريق التي اطلقتها. لم توضّح الآلية التي سيتم إعتمادها حول إقتراحك المبني على دعوة للانتخابات خصوصاً في ظرف شكّك فيه السّيّد عقيلة صالح في شرعيّتك… 

ج:–بخصوص الشقّ الاول من السّؤال نحن وضعنا مبادئ عامة وخطوط عريضة ولكن التفاصيل يفترض أن تناقش من قبل طرفي الخلاف على أن يطوّروا الخطط والآليّات اللازمة لتطبيق النقاط وتعديل ما يرونه من المهمّ تعديله، بمعنى يجب أن تجتمع لجنة الحوار للبرلمان مع المجلس الأعلى للدولة بغاية تقرير التعديلات والإضافات اللازمة.
أمّا بخصوص مسألة الشّرعية فهذه نقطة جدليّة. انا شخصيا كنت عضواً في مجلس النوّاب وحضرت جميع الجلسات في طبرق في زمن كان فيه اعضاء عن مدينة طرابلس يمكثون في العاصمة ولم يذهبوا لطبرق إلا مؤخراً، لذلك اعد ايّ خصم أو طرف بعدم التّصرّف بأيّ شيء إزاءهم شرط ألّا تكون في ذهنهم حسابات اخرى.

 

س: ماهي ابرز النقاط التي تعتقد أنها تضمنتها خارطتك والتي تسعى كما قلت لانهاء الخلاف ؟

ج: المقترح الذي قدّمته يتناول الكثير من البنود والمقترحات الّتي وصلت اليها نتيجة متابعتي للمشهد السّياسيّ ورصدي لجميع النقاط التوافقية والخلافية الواردة في الساحة الليبية والتي اعتقد أنّ من اهمّ مكتسباتها الدّعوة للإستقرار التّام ووقف اطلاق النار بالكامل حتى الاستحقاق الانتخابي.

ايضا اودّ إرسال رسالة للمواطن الليبيّ وللعالم اجمع مفادها أنّنا نحن في المجلس الرئاسي لا نسعى إلى ولا نرغب في الحكم بقدر ما نهتمّ بتحقيق الاستقرار الذي يساهم في خلق توافق وتفاهم يدعمان هدفاً واحداً وهو بناء الدولة، إلى جانب دعوة كافة مؤسسات الدولة وعلى مختلف تبعياتها سواء للوفاق أو حتى تلك التي تتبع الازمة إلى تحمّل مسؤوليّاتها حيث أنّ تقديم الخدمات للمواطن لا يحتاج إلى إذن او تصريح بمعنى إذا ارسلنا احتياجات بإسم حكومة الوفاق مثلا لوزارة الصحة إلى البيضاء اقصى الشرق والتي تسيّرها حكومة الازمة لا يتم حينئذٍ رفض المساعدات واصدار امر قضائي بسجن المبعوثين. وللأسف هذا ما حدث مع وزير التعليم المفوّض بحكومة الوفاق عندما ذهب للبيضاء للمساعدة والوقوف على اخر المستجدات في قطاع التعليم بالمدينة حيث اصدرت آنذاك حكومة الازمة الموازية قراراً بإلقاء القبض على الوزير.

لذلك نسعى إلى إيصال رسالة لكافة المتخاصمين مفادها انّنا في حكومة الوفاق بعيدون كلّ البعد عن التجاذبات ولسنا طرفاً وأنّ خدمات المواطن ليست سلاحاً يُستخدم لمواجهة الخصم.

بالإضافة إلى ذلك ألفت الإنتباه إلى أنّ المقترح يتضمّن فكرة أنّ مدنيّة الدّولة ووحدة السلطة وتوحيد المؤسسة العسكرية هي مبادئ لا نختلف عليها وتعتبر كلّها خطوات تسير في الطريق الصحيح.

 

س: ما ردّة الفّعل من الاطراف السياسية ازاء هذه المبادرة ؟

ج: الكثير منهم بدأ يشعر بالإحراج والقلق ومنهم من بدأ في التّواصل معنا ولكن للاسف لم نلتمس منهم الجدّيّة في المساهمة في حل الازمة والخلاف بل أنّ جزءاً كبيراً منهم كان يسعي ولو بشكل خجول لمعرفة ما هو مصيره وماذا عن مكاسبه التي كان يتحصل عليها عند تقديم نفسه كمستشار أو متخصص في جانب من الجوانب الّتي تفيد المشهد السياسي الجديد حسب قوله ومزاعمه!!!…

انتهى اللقاء بالسّيّد فائز السراج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبي والذي جرى معه في العاصمة طرابلس ولا يسعنا إلّا لفت الإنتباه ايضاً إلى المجهودات الواضحة الّتي تمّ تطويرها في الجانب الأمنيّ بالعاصمة حيث اصبح الاستقرار الأمنيّ هو المسيطر على طرابلس بعد تولّي العميد نجمي النكوع منصب آمر الحرس الرئاسي حيث تمّ طرد واستبعاد الكثير من قادة المليشيات بالعاصمة ودمج افرادها دون قيادتها التي تمّ القبض على اغلبها لعلّ هذا خير مدلول على إنفتاح مرحلة جديدة في العاصمة الليبيّة.

 حوار خاصّ بمركز الأداء الإستراتيجي اجراه محمّد الصّريط

حقوق النّشر محفوظة

[/vc_column_text][/vc_column][/vc_row]

التّطوّرات الأمنيّة في طرابلس ومسألة بروز “حفتر الرّغب” – بقلم محمّد الصّريط

بعث الإجتماع الّذي أقيم يوم الثّلاثاء ٢٥ يوليو في باريس بين كلّ من رئيس حكومة الوفاق الوطنيّ فايز السّرّاج والمشير خليفة حفتر بروح الامل لدى المواطن الليبي عموماً وبشكل اخصّ في العاصمة طرابلس، وقد زادت من هذا التّفاؤل الأنباء الواردة والّتي تشير إلى أنّ هناك اتفاق على عدّة نقاط محوريّة منها وقف إطلاق النار وإجراء انتخابات مسبقة في ربيع عام ٢٠١٨م.

ويرى الكثير من الليبيّين أنّ هذه التّطوّرات هي مؤشر على بوادر اتفاق جدّي بين الرّجلين معتبرين أنّ المشير خليفة حفتر قد وافق على خارطة الطّريق المطروحة من قبل فايز السّرّاج الّتي اطلقها في الفترة الماضية والتي تنصّ على عدّة نقاط اساسيّة لعلّ من اهمها الاتفاق على دعوة لانتخابات مبكرة وعقد مؤتمر مصالحة كامل وشامل.

وما يحدث الآن في طرابلس من إجتماعات أمنيّة وعسكريّة والتّنسيق الامني الكبير الوارد بين بعض الجهات والّذي لم يسبق وحدث في ليبيا منذ عام 2011 ـ بهذا الشكل على الأقلّ ـ وكذلك التّوافق الكبير الّذي تشهده العاصمة طرابلس كلّها خير أدلّة على أن هناك خطوة قد يراها البعض بطيئة ولكنّها مهمّة وتصبّ في مصلحة البّلاد، غير أنّ النّجاح يترتّب أيضاً على مدى التّوافق الوارد بين الليبيّين إلى جانب أهمّية مسألة إدماج جميع القوى العسكريّة وخاصة الكبيرة والمهمّة منها ضمن هيكل عسكريّ رسميّ وموحّد.

غير أنّ الواقع يدلّ على أنّ بعض هذه القوى العسكرية الكبيرة لم يبرز حتّى الآن موقفها الرّسميّ من مسألة التّوافق، مثال قوّات مصراته الّتي لم يتّضح موقفها برغم ممّا يعلمه الجميع وهو أنّ أكبر الكتائب الّتي تدعم حكومة الوفاق اصلها من مصراته. هذا وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ بعض الاصوات بدأت تتعالى في مصراته مطالبةً بنسف الإتّفاق المعلن في باريس وهذا دليل على شعور هؤلاء الخذلان أو التقصير من قبل بعض الاطراف وتحديداً من طرف الرّئيس فايز السّراج، فيبقى السّؤال هنا: ما الّذي قد تؤول إليه الأمور علماً بأنّ كتيبة الحلبوس وكتيبة المرسى ـ وهي من أكبر الكتائب القائمة في مصراتة ـ هي المسؤولة عن حماية وزير الدفاع ووزير الدّاخليّة وحتّى الرّئيس السّرّاج نفسه.

من هذه الصّورة العامّة ننتقل إلى لبّ الموضوع حيث عقد آمر الحرس الرّئاسيّ العميد نجمي النّاكوع مؤخّراً إجتماعاً في مدينة طرابلس اقتصر على الاجهزة الامنية ” الطرابلسية ” فقط دون إشراك القوّات المسلّحة الأخرى القادمة من مدن ومناطق كمصراته والزنتان الّتان تعدّان أكبر القوى العسكرية في غرب ليبيا. قد يتأمّل البّعض في هذا الأمر معتبرينه خطوة جيدة كون أن ردة الفعل لأصداء الاجتماع في العاصمة طرابلس كانت إيجابيّة لغاية الآن، غير أنّ هذا الواقع ينبّئ بأنّ القوّة الفّاعلة والحقيقيّة والتي تملك ترسانة كبيرة (أيّ القوى المصطفّة إلى جانب الرّئيس فايز السّرّاج) يهدّدها الإنشقاق، إذ أنّه في حال افرز لقاء حفتر والسراج بأنّ يكون لحفتر دور رائد في المستقبل سيعتبر أغلب “المصراتيون” هذا الأمر مبايعة من السراج لحفتر وليس اتفاق ممّا قد يؤدي لنتائج وخيمة.

يضاف إلى ذلك أنّ هناك بعض الاخبار المتداولة لدور نجمي النّاكوع المتنامي في العاصمة طرابلس حيث اصبح هذا الرّجل قوّة كبيرة لا يستهان بها وهناك من ذهب لابعد من ذلك واعتبره مرادف لحفتر في الغرب. تقع ميّزة النّاكوع كونه شخصية غير جدلية في ليبيا على الرّغم من أنّ هذه لا يشير بالضّرورة إلى إمكانيّة أن يحصل على منصب رئيس أو رقم مهمّ في المعادلة الليبية، لكنّ هذا لا يمنع تمتّع نجمي النّاكوع بدورٍ قويهٍ في المشهد العسكري والامني الليبي وخاصّة في طرابلس وممّا يزيد من اهمّيّته إستطاعته سيطرته الأمنيّة على مدينة طرابلس بالكامل بزمنٍ قصيرٍ جدّاً على الرّغم من كمّ التّحدّيات الواردة في عاصمة يقارب عدد سكّانها المليونين نسمة.

[/vc_column_text][/vc_column][/vc_row]

Back To Top