التّطوّرات الأمنيّة في طرابلس ومسألة بروز “حفتر الرّغب” – بقلم محمّد الصّريط

بعث الإجتماع الّذي أقيم يوم الثّلاثاء ٢٥ يوليو في باريس بين كلّ من رئيس حكومة الوفاق الوطنيّ فايز السّرّاج والمشير خليفة حفتر بروح الامل لدى المواطن الليبي عموماً وبشكل اخصّ في العاصمة طرابلس، وقد زادت من هذا التّفاؤل الأنباء الواردة والّتي تشير إلى أنّ هناك اتفاق على عدّة نقاط محوريّة منها وقف إطلاق النار وإجراء انتخابات مسبقة في ربيع عام ٢٠١٨م.

ويرى الكثير من الليبيّين أنّ هذه التّطوّرات هي مؤشر على بوادر اتفاق جدّي بين الرّجلين معتبرين أنّ المشير خليفة حفتر قد وافق على خارطة الطّريق المطروحة من قبل فايز السّرّاج الّتي اطلقها في الفترة الماضية والتي تنصّ على عدّة نقاط اساسيّة لعلّ من اهمها الاتفاق على دعوة لانتخابات مبكرة وعقد مؤتمر مصالحة كامل وشامل.

وما يحدث الآن في طرابلس من إجتماعات أمنيّة وعسكريّة والتّنسيق الامني الكبير الوارد بين بعض الجهات والّذي لم يسبق وحدث في ليبيا منذ عام 2011 ـ بهذا الشكل على الأقلّ ـ وكذلك التّوافق الكبير الّذي تشهده العاصمة طرابلس كلّها خير أدلّة على أن هناك خطوة قد يراها البعض بطيئة ولكنّها مهمّة وتصبّ في مصلحة البّلاد، غير أنّ النّجاح يترتّب أيضاً على مدى التّوافق الوارد بين الليبيّين إلى جانب أهمّية مسألة إدماج جميع القوى العسكريّة وخاصة الكبيرة والمهمّة منها ضمن هيكل عسكريّ رسميّ وموحّد.

غير أنّ الواقع يدلّ على أنّ بعض هذه القوى العسكرية الكبيرة لم يبرز حتّى الآن موقفها الرّسميّ من مسألة التّوافق، مثال قوّات مصراته الّتي لم يتّضح موقفها برغم ممّا يعلمه الجميع وهو أنّ أكبر الكتائب الّتي تدعم حكومة الوفاق اصلها من مصراته. هذا وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ بعض الاصوات بدأت تتعالى في مصراته مطالبةً بنسف الإتّفاق المعلن في باريس وهذا دليل على شعور هؤلاء الخذلان أو التقصير من قبل بعض الاطراف وتحديداً من طرف الرّئيس فايز السّراج، فيبقى السّؤال هنا: ما الّذي قد تؤول إليه الأمور علماً بأنّ كتيبة الحلبوس وكتيبة المرسى ـ وهي من أكبر الكتائب القائمة في مصراتة ـ هي المسؤولة عن حماية وزير الدفاع ووزير الدّاخليّة وحتّى الرّئيس السّرّاج نفسه.

من هذه الصّورة العامّة ننتقل إلى لبّ الموضوع حيث عقد آمر الحرس الرّئاسيّ العميد نجمي النّاكوع مؤخّراً إجتماعاً في مدينة طرابلس اقتصر على الاجهزة الامنية ” الطرابلسية ” فقط دون إشراك القوّات المسلّحة الأخرى القادمة من مدن ومناطق كمصراته والزنتان الّتان تعدّان أكبر القوى العسكرية في غرب ليبيا. قد يتأمّل البّعض في هذا الأمر معتبرينه خطوة جيدة كون أن ردة الفعل لأصداء الاجتماع في العاصمة طرابلس كانت إيجابيّة لغاية الآن، غير أنّ هذا الواقع ينبّئ بأنّ القوّة الفّاعلة والحقيقيّة والتي تملك ترسانة كبيرة (أيّ القوى المصطفّة إلى جانب الرّئيس فايز السّرّاج) يهدّدها الإنشقاق، إذ أنّه في حال افرز لقاء حفتر والسراج بأنّ يكون لحفتر دور رائد في المستقبل سيعتبر أغلب “المصراتيون” هذا الأمر مبايعة من السراج لحفتر وليس اتفاق ممّا قد يؤدي لنتائج وخيمة.

يضاف إلى ذلك أنّ هناك بعض الاخبار المتداولة لدور نجمي النّاكوع المتنامي في العاصمة طرابلس حيث اصبح هذا الرّجل قوّة كبيرة لا يستهان بها وهناك من ذهب لابعد من ذلك واعتبره مرادف لحفتر في الغرب. تقع ميّزة النّاكوع كونه شخصية غير جدلية في ليبيا على الرّغم من أنّ هذه لا يشير بالضّرورة إلى إمكانيّة أن يحصل على منصب رئيس أو رقم مهمّ في المعادلة الليبية، لكنّ هذا لا يمنع تمتّع نجمي النّاكوع بدورٍ قويهٍ في المشهد العسكري والامني الليبي وخاصّة في طرابلس وممّا يزيد من اهمّيّته إستطاعته سيطرته الأمنيّة على مدينة طرابلس بالكامل بزمنٍ قصيرٍ جدّاً على الرّغم من كمّ التّحدّيات الواردة في عاصمة يقارب عدد سكّانها المليونين نسمة.

[/vc_column_text][/vc_column][/vc_row]

Back To Top