الملك ليبيا والحديد والصلب: حوار مع الدكتور محمد عبد

ليبيا، الحديد والصلب: حوار مع الدّكتور محمد عبد المالك، مدير الشّركة الليبية للحديد والصلب بمصراته

. استطعنا ان نكسر حاجز الاعتماد على النفط

. 96% من العمالة هي وطنية ونحقق الاكتفاء الذاتي

. مع استقرار البلاد، سيزداد الطلب على “الصلب” ونحن نستعدّ لذلك

. المنافسة تساهم في تطوير الاقتصاد وانعكاساتها ايجابيّة على الصناعة

يُساهم قطاع الصناعة في ليبيا ما نسبته 13 % من تزويد الاسواق المحلية بالسلع، وهو مؤشّر ليس بالجيّد وانعكاساته الاستراتيجيّة قد تكون سلبيّة، لكن وفي الوقت نفسه لو نظرنا إلى حال بعض الصّناعات، قد تبدو حينئذٍ الصّورة أكثر إيجابيّة وخصوصاً لمن يعلم أنّ قطاع الصّناعة والمتمثّل في صناعة الحديد والصلب في ليبيا يتمتّع بسمعة أقلّ ما يقال عنها هو أنّها ممتازة مقارنةً بمحيط البّلاد الافريقي والعربي.

الشّركة الليبية للحديد والصّلب القائمة في مدينة مصراته تقع ضمن المشاريع العملاقة الّتي ساهمت في تطوير هذا الجانب من القدرات الليبيّة، وبحكم تمسّكنا بالحصول على تفاصيل أدقّ حول هذا الموضوع، كان لنا هذا الحوار مع مدير الشّركة الليبية للحديد والصلب بمصراته، الدكتور محمد عبد المالك.

ستراكتيجيا – أوّلاً، كيف تعرّفون عن الشّركة الليبيّة للحديد والصلب وعن اقسامها ووحدتها الانتاجية والصّناعيّة؟

د. محمد عبد المالك – مضمار العمل والصناعة الحقيقي للشركة، أو ما نطلق عليه اسم “التشغيل التجاري”، كان في عام 1989 حيث دشّننا آنذاك طاقة تصميميّة سنويّة بلغت 1500,000 طن من الصّلب السّائل، وقد تمّ تطوير وزيادة هذا الرقم الانتاجي حتى وصل إلى مجموع 1800,000 طن، وهنا استخدمنا اسلوب الاختزال وهو اسلوب فنّيّ مباشر لمكورات اكسيد الحديد عالية الجودة المختزل مع الخردة المتوفرة محلّيّاً.

امّا العمليّة هذه فتحدث من خلال استخدام أفران القوس الكهربائي لإنتاج المنتجات الوسيطة (عروق – كتل – بلاطات) والّتي تستخدم لاحقاً تحت شكل مواد خام بمصانع الدرفلة الطوليّة بغاية إنتاج حديد التسليح والقطاعات ومصانع الدرفلة المسطّحة لانتاج اللفّات والصّفائح المدرفلة على الساخن وعلى المجلفنة والمطليّة.

هذه تفاصيل فنّيّة اعطيها باختصار شديد حول آليّات عمل المصنع المكوّن اساساً من أقسام ووحدات كبيرة حيث أن المصنع يقع في منطقة قصر حمد بمصراته ولديه ميناء ومحطة كهرباء خاصة به تغذي الافران ووحدات وقطاعات المصنع المتعددة والكثير غيرها مثال مصنع الاختزال المباشر ومصنعا الصلب 1و2 ومصنع درفلة القضبان والأسياخ ومصنع القطاعات الخفيفة والمتوسّطة ومصنع الدرفلة الباردة ومصنع الجلفنة والطلاء ومصنع الجير والدولومايت والمرافق الأساسيّة، كلّ هذه القطاعات والوحدات تشكّل الهيكليّة العامّة للمصنع الكبير للحديد والصلب.

ستراكتيجيا – ماذا عن العمالة الوطنية ودورها في هذا الجانب من الصناعة؟

د. محمد عبد المالك – يعمل بالشّركة العامة للحديد والصلب بمصراته ما يقارب عن 6900 موظف ليبي، أي ما نسبته 96% من مجموع الموظّفين، بينما الايدي العاملة الأخرى الاجنبية تصل نسبتها إلى 4%. وبهذا استطعنا أن نقلّص البطالة لدى شريحة واسعة من العاملين والباحثين عن العمل في ليبيا من الليبيّين.

ستراكتيجيا – ما طبيعة الخطط والاستراتيجيّات التي وضعتموها بهدف تطوير ومواكبة التّقدّم في هذه المجالات؟

د. محمد عبد المالك – لدينا خطط مستقبليّة لتطوير وتحسين العمل والانتاج بما يتواكب مع السوق وطبيعة الطّلب، وذلك لرفع الطّاقة الإنتاجيّة في ليبيا، تحديداً في الشّركة الليبيّة للحديد والصلب، من مستواها الحالي الذي يتراوح ما بين 1800,000 و2000,000 طن إلى 4000,000 طن. وبالفّعل أطلقنا عدّة مراحل بغاية تحقيق هذا الهدف وذلك من خلال عمل مجموعة فنّيّة وعلميّة اعتمدت اساليب متطوّرة، حيث في المرحلة الأولى تمّ تنفيذ مصنع وهو يقع ضمن خطّة “غلفة القطبان” (بسعة 800 الف طن في السنة) الّتي تساعدنا على منافسة الاسواق الإقليميّة والعالميّة.

فعندما تستقرّ البّلاد سيزداد الطّلب على الحديد وبالتّالي يكون بوسعنا تغطية متطلّبات السّوق المحلّيّ بالكامل والتّصدير للخارج.

كما أنّه ضمن الخطّة فهناك العديد من المصانع النوعيّة الجديدة التي تمّ إنجاز ما نسبته 90% منها حيث أنّ التّركيبات وتجارب التّشغيل وصلت في الكثير من الحالات لدرجة ال100%، وهذه التّطوّرات هي كما اسلفت من ضمن خطط التطوير الجديدة التي تستهدف تحسين الانتاج وخلق نوعيّات جديدة من هذه الصناعة.

لا أخفي عليك أنّ خطّة التطوير تعطّلت لفترة مؤقّتة اثناء السّنوات الاخيرة بسبب الظّروف الّتي مرّت بها البّلاد، إلّا أنّنا الآن نعيد إنجازها من جديد عبر إنشاء مصنع لإنتاج الحديد الإسفنجي ومصنع للصهر خاصّ ونوعيّ يُعرف بـ” عروق الصلب”.

ستراكتيجيا – ما أثر المنافسة على باقي المصانع التي تعمل في هذا المجال سواء كان في ليبيا أو في غيرها من البّلدان؟

د. محمد عبد المالك – بطبيعة الحال، إنّ المنافسة الجيّدة لها أثر ايجابيّ على الجميع، ومردودها على الاقتصاد الوطنيّ مثمر ومفيد.

نعم، مصنع الحديد والصلب بمصراته ضخم وله وحدات ومصانع خاصّة به كبيرة جدّاً وهو رادف مهمّ للاقتصاد الوطني إلا أنّ المنافسة هي شيء حضاري وصحي ومفيد لتطوير هذا المجال. الانفراد لا يمكّننا من تطوير هذا القطاع فالمنافسة امر طبيعيّ وهذا لا يقتصر على قطاع الصناعات الصلب فقط بل نجده في مختلف المجالات.

كما أنّ المنافسة تساهم في تطوير الاقتصاد وانعكاساتها ايجابيّة على الصناعة. الكلّ يريد ان يحسّن من جودته وبالتالي يساهم في تقديم منتوج بمواصفات عالية الجودة وهنا المردود سيكون إيجابيّاً على الكلّ.

ستراكتيجيا – أخيراً، كنت قد تحدّثت عن مسألة التّصدير للخارج، هل يمكنك أن توضح ذلك أكثر؟

د. محمد عبد المالك – نعم، نحن نقوم بتصدير كمّيّات جيّدة لبعض المنتوجات التي تقوم الشركة الليبية للحديد والصلب بإنتاجها من مصانعنا المختلفة خاصة تلك التي تزيد عن حاجة السوق، كما نقوم بدراسة السوق من حين لآخر من خلال مكاتب استشارات خاصة بالشركة لمعرفة الفترات الزمنية التي قد يزيد فيها الطلب على المنتوج والفترة التي يقلّ فيها الطلب، وعلى ضوء ذلك يتمّ تشخيص الاحتياجات ونلبّيها ومن ثمّ فإنّنا نتجاوب وبعض الطّلبات الخارجيّة، ولم يحدث إلى الآن أيّ نقص في منتجاتنا.

نصدّر كما اسلفت في السابق لافريقيا ولأوروبّا وللدّول العربيّة وهنا يزيد الطلب على المنتوج الليبيّ الخاص بشركتنا وذلك لتطابق المنتوج بالمواصفات العالمية.

اعدّ الحوار محمّد الصّريط، صحفي وباحث في مركز الأداء الاستراتيجي

التّطوّرات الأمنيّة في طرابلس ومسألة بروز “حفتر الرّغب” – بقلم محمّد الصّريط

بعث الإجتماع الّذي أقيم يوم الثّلاثاء ٢٥ يوليو في باريس بين كلّ من رئيس حكومة الوفاق الوطنيّ فايز السّرّاج والمشير خليفة حفتر بروح الامل لدى المواطن الليبي عموماً وبشكل اخصّ في العاصمة طرابلس، وقد زادت من هذا التّفاؤل الأنباء الواردة والّتي تشير إلى أنّ هناك اتفاق على عدّة نقاط محوريّة منها وقف إطلاق النار وإجراء انتخابات مسبقة في ربيع عام ٢٠١٨م.

ويرى الكثير من الليبيّين أنّ هذه التّطوّرات هي مؤشر على بوادر اتفاق جدّي بين الرّجلين معتبرين أنّ المشير خليفة حفتر قد وافق على خارطة الطّريق المطروحة من قبل فايز السّرّاج الّتي اطلقها في الفترة الماضية والتي تنصّ على عدّة نقاط اساسيّة لعلّ من اهمها الاتفاق على دعوة لانتخابات مبكرة وعقد مؤتمر مصالحة كامل وشامل.

وما يحدث الآن في طرابلس من إجتماعات أمنيّة وعسكريّة والتّنسيق الامني الكبير الوارد بين بعض الجهات والّذي لم يسبق وحدث في ليبيا منذ عام 2011 ـ بهذا الشكل على الأقلّ ـ وكذلك التّوافق الكبير الّذي تشهده العاصمة طرابلس كلّها خير أدلّة على أن هناك خطوة قد يراها البعض بطيئة ولكنّها مهمّة وتصبّ في مصلحة البّلاد، غير أنّ النّجاح يترتّب أيضاً على مدى التّوافق الوارد بين الليبيّين إلى جانب أهمّية مسألة إدماج جميع القوى العسكريّة وخاصة الكبيرة والمهمّة منها ضمن هيكل عسكريّ رسميّ وموحّد.

غير أنّ الواقع يدلّ على أنّ بعض هذه القوى العسكرية الكبيرة لم يبرز حتّى الآن موقفها الرّسميّ من مسألة التّوافق، مثال قوّات مصراته الّتي لم يتّضح موقفها برغم ممّا يعلمه الجميع وهو أنّ أكبر الكتائب الّتي تدعم حكومة الوفاق اصلها من مصراته. هذا وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ بعض الاصوات بدأت تتعالى في مصراته مطالبةً بنسف الإتّفاق المعلن في باريس وهذا دليل على شعور هؤلاء الخذلان أو التقصير من قبل بعض الاطراف وتحديداً من طرف الرّئيس فايز السّراج، فيبقى السّؤال هنا: ما الّذي قد تؤول إليه الأمور علماً بأنّ كتيبة الحلبوس وكتيبة المرسى ـ وهي من أكبر الكتائب القائمة في مصراتة ـ هي المسؤولة عن حماية وزير الدفاع ووزير الدّاخليّة وحتّى الرّئيس السّرّاج نفسه.

من هذه الصّورة العامّة ننتقل إلى لبّ الموضوع حيث عقد آمر الحرس الرّئاسيّ العميد نجمي النّاكوع مؤخّراً إجتماعاً في مدينة طرابلس اقتصر على الاجهزة الامنية ” الطرابلسية ” فقط دون إشراك القوّات المسلّحة الأخرى القادمة من مدن ومناطق كمصراته والزنتان الّتان تعدّان أكبر القوى العسكرية في غرب ليبيا. قد يتأمّل البّعض في هذا الأمر معتبرينه خطوة جيدة كون أن ردة الفعل لأصداء الاجتماع في العاصمة طرابلس كانت إيجابيّة لغاية الآن، غير أنّ هذا الواقع ينبّئ بأنّ القوّة الفّاعلة والحقيقيّة والتي تملك ترسانة كبيرة (أيّ القوى المصطفّة إلى جانب الرّئيس فايز السّرّاج) يهدّدها الإنشقاق، إذ أنّه في حال افرز لقاء حفتر والسراج بأنّ يكون لحفتر دور رائد في المستقبل سيعتبر أغلب “المصراتيون” هذا الأمر مبايعة من السراج لحفتر وليس اتفاق ممّا قد يؤدي لنتائج وخيمة.

يضاف إلى ذلك أنّ هناك بعض الاخبار المتداولة لدور نجمي النّاكوع المتنامي في العاصمة طرابلس حيث اصبح هذا الرّجل قوّة كبيرة لا يستهان بها وهناك من ذهب لابعد من ذلك واعتبره مرادف لحفتر في الغرب. تقع ميّزة النّاكوع كونه شخصية غير جدلية في ليبيا على الرّغم من أنّ هذه لا يشير بالضّرورة إلى إمكانيّة أن يحصل على منصب رئيس أو رقم مهمّ في المعادلة الليبية، لكنّ هذا لا يمنع تمتّع نجمي النّاكوع بدورٍ قويهٍ في المشهد العسكري والامني الليبي وخاصّة في طرابلس وممّا يزيد من اهمّيّته إستطاعته سيطرته الأمنيّة على مدينة طرابلس بالكامل بزمنٍ قصيرٍ جدّاً على الرّغم من كمّ التّحدّيات الواردة في عاصمة يقارب عدد سكّانها المليونين نسمة.

[/vc_column_text][/vc_column][/vc_row]

Back To Top