عانت ولازالت تعاني ليبيا من انقسام سياسي أفرز حكومتين احدها بالشرق والأخرى بغرب البلاد، فالأولى وهي “حكومة الازمة” التي يطلق عليها بالمؤقته جاءت عقب حرب ” فجر ليبيا ” وصراع شرعية البرلمان بطبرق اقصى الشرق الليبي ويترأسها عبدالله الثني وزير الدفاع بحكومة علي زيدان قبل اندلاع حرب فجر ليبيا عام 2013 حيث استمرت هذه الحكومة بشرعية البرلمان ولكن في اكتوبر من عام 2015 افضى الاتفاق السياسي الموقع بمدينة الصخيرات المغربية بين اطراف النزاع والخلاف في ليبيا إلى ماعرف بعدها بحكومة “الوفق الوطني” والتي ترأسها عضو مجلس النواب عن مدينة طرابلس فائز مصطفى السراج. ولكن لحسابات متعلّقة بالخلاف الليبي لم يعترف بها بشكل مباشر جزء من طرفي النزاع اللذان انقسم كل فريق منهما لفريقين آخرين فكان معسكر طبرق لديه مؤيد للحكومة وطرف معارض لها وهذا الحال ايضا شهده معسكر طرابلس او “المؤتمر الوطني العام” الذي انقسم فريق منه إلى مؤيد لحكومة السراج وفريق آخر ظلّ يرفض بنود الاتفاق السياسي.
وهذا ما زاد من تعميق الخلاف والازمة في ليبيا إلى أن وصل الامر إلى الاعتراف بمخرجات الصخيرات مع تعديلات طفيفة في احدى بنود الاتفاق. وفي خضم هذه الاحداث ظلّت حكومة الوفاق تعمل فقط في غرب ليبيا ولكن وفي الاشهر القليلة الماضية بدأت بعض الشخصيات المسؤولة وكذلك بعض الاعيان بالمنطقة الشرقية التي لايعترف مسؤوليها بحكومة الوفاق الوطني يتعاملون ويتصلون مع الوفاق ورئيسها وكان آخرهم النقيب فرج اقعيم الذي زار فائز السراج بطرابلس والتقى بوزير الداخلية المكلف عارف الخوجه والذي وبالتنسيق مع فائز السراج رئيس الحكومة عُيّن وكيل وزارة الداخلية. وفي خضمّ هذه التفاعلات كان هذا اللقاء الخاص بمركز الأداء الاستراتيجي الّذي قاده الصّحفيّ والبّاحث في المركز محمّد الصّريط مع النقيب فرج قعيم في ببيته بضواحي مدينة بنغازي.
س \ هل حسمت مسألة تبعيّتكم لحكومة الوفاق أم أنّ كلّ ما يرد في الموضوع مجرد اشاعات ولبس في الاخبار؟
ج \ نعم لقد كلّفت من قبل وزير الداخلية المكلّف عارف الخوجة وبقرار من السيد فائز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني بليبيا لكي اكون وكيل وزارة الدّاخليّة بليبيا.
هذا التكليف جاء بعد أن تشاورت مع عدد من شيوخ وأعيان قبيلتي، قبيلة العواقير، ومع عدد من أعيان شرق ليبيا الذين باركوا هذا التكليف واعتبروه خطوة جيدة لتحقيق المصالحة وكذلك رأوا فيه نقلة جيدة في ملفّ الاتفاق السياسي وانهاء الخلاف.
س \ هل نسّقت مع الجهات التي تعتبر نفسها هي الشّرعيّة في الشرق مثال الحكومة الموازية؟
ج \ العالم كلّه وحتّى هيئات الداخل واقصد هنا التّيّارات السياسية والعسكرية بما فيهم ابرز القيادات العسكرية تحاور وتقابل مسؤولي حكومة الوفاق، لذلك لا حرج عليّ أو على غيري كما أن خطوتي جاءت بالتنسيق مع القوى الفاعلة والحقيقة وهي القوى الاجتماعية.
س \ ماهي ابرز النقاط التي تناولتها في لقاءك مع السراج والخوجه بطرابلس وهل تعتقد أنّه سيكون لها انعكاسات ايجابية؟
ج \ اعتقد أنّ اهمّ ما قاله السراج علماً بأنّه ذكر مواضيع كثيرة وعده واصداره لأوامر متعلّقة بتخصيص ميزانية جيدة لدعم مراكز الشرطة بشرق ليبيا وخاصة بنغازي، وزيادة مرتّبات الشرطة بنسبة 50%، وتطوير جهاز مكافحة الارهاب وتذليل كافة العقبات التي تواجه هذا الجهاز.
أيضا ترد اهمّيّة تطوير الهياكل الامنيّة والإدارية بهذا القطاع المهم والحيوي من خلال تزويده بكافة التقنية الحديثة لتسهل العمل بمهنية وبمعايير دولية جيّدة.
وهذه النّقاط هي أبرز ما ناقشناه ووافق عليه السراج والخوجه وهذا في حدّ ذاته تقدّم جيّد لصالح ليبيا.
س \ بالعودة للقوى الموازية في شرق ليبيا، ما دوركم وموقفكم من بعض ردود الفعل من قبل القادة العسكريّين الذين أصدروا بيانات ادانوا من عبرها هذا التكليف معتبرين أنّه محاولة لتقسيم “معسكر طبرق”؟
ج \ انا اعمل ضمن الشرعية المحلّيّة وهي شرعيّة توافقيّة مبنيّة ايضاً على ما يعترف به العالم من اجسام سياسية تمثّل الليبيين وهي ممثّلة بحكومة الوفاق الوطني.
كما أنني وعلى الصعيد الشخصي كنت ولا زلت ادعم المؤسسة العسكرية بالكامل فهي طوق نجاة الليبيين في مواجهة كافة التحديات التي تعرقل إمكانيّة قيام دولة مدينة حضارية. كفانا ارهاباً وكفانا استبداداً، ما يريده الليبييون في هذه المرحلة هو الاستقرار ولا اعتقد أنّ هذا سوف يأتي إلّا من خلال التوافق بين مكوّنات المجتمع الليبي وبناءنا لوطن تكون فيه المدنيّة عنواناً للمرحلة الجديدة.
لذلك لا اعتقد أن هناك اناس وطنييون يرفضون التوافق والوفاق بين الاطراف الليبيية التي تتنازع على المناصب وتتجاهل مصلحة المواطنين.
س \ ما حقيقة ما يقال حول أنّ هناك حالة من النفير بين القوّات التي تعمل تحت امرتك من جهة وبين بعض القوى الموازية بشرق ليبيا من جهة أخرى؟ وهل هناك احتمالية تصادم بينكم؟
ج \ جميع القوى التي تعمل وفق الشرعية تعمل بقصد تأدية عملها ولا اعتقد أن هناك قوى أخرى شرعيّة ينبغي ذكرها هنا، فأنا شخصيّاً قمت بوضع حجر الاساس لعدد من مراكز الشرطة بمدينة بنغازي وسلوق وهي خطوات قد قمت بها ضمن الخطة المتّفق عليها مع السّرّاج حيث وضعت خطة لتأمين مدينة بنغازي من خلال تأسيس غرفة امنية مشتركة بين القوّات الامنيّة والقوّات الخاصّة، والكلّ مرحّب بذلك. نعم هناك بعض الأصوات الّتي لا تؤيد ذلك ولا تتمنّى للبّلاد سوى السّوء ولكنّ هذه الاصوات غير مسموعة ناهيك عن أنّنا سنتصدى لكلّ محاولة تهدف لزعزعة الاستقرار والأمن في ليبيا.
س \ هناك من يتّهم فرج اقعيم وقبيلة العواقير بصفة عامة بالبّحث عن فرص تخدم مصلحتهم الشّخصيّة معتبرين أنّ فشلكم في تحقيق مكاسب في الشرق وفي معسكر الكرامة قادتكم إلى اللجوء إلى السراج الّذي اخذ مطالبكم بعين الاعتبار، فما ردّكم على ذلك؟
ج \ اولاً سأوضّح لك بعض النقاط المهمّة لعلّ من أبرزها أن قبيلة العواقير تعدّ ضمن القبال التي قدّمت الكثير من ابنائها في سبيل هذه الحرب حيث زاد عدد الشهداء من قبيلة العواقير على أكثر من 1500 رجل واعداد مأهولة من الجرحى ايضاً، كما انّني وعلى الصعيد الشخصي اسست جهاز مكافحة الارهاب والذي تصدّى للكثير من الإرهابيّين الّذين جاءوا من درنه عبر “بوابة برسس” وقاموا بتفجيرات داخل بنغازي. وقد سلّمت عدداً منهم للأجهزة المعنيّة في ذلك الوقت أي تحديداً في عام 2014م ممّا جعل بعض “القادة الارهابيّين” يصنّفوني بما اعتبروه “رجل الطواغيت”. كلّ هذه المعطيات وغيرها لا تضعني في خانة الابتزاز أو ما شابه ذلك ولكن ومن باب الإنصاف فيجب عليّ أن أقول إنّه من غير المعقول أن يكون من كان بالخلف ولا يدرك أيّ شيء عن حقائق الميدان هو من يتصدر المشهد.