الزيوت والبنوك والحوكمة: حقائق اقتصادية في ليبيا مقسمة

على الرغم من التحسينات المحدودة ، لا يزال الاقتصاد الليبي أقل بكثير من إمكاناته ، التي يعوقها استمرار الصراع العنيف وعدم اليقين السياسي. إن الأداء الاقتصادي الضعيف في ليبيا واضح في الأعداد ، ويتضح أكثر من خلال مطالبات السكان. تم تطوير العديد من الجهود – بما في ذلك السياسات والتوجهات الاقتصادية المحددة – من قبل السلطات السياسية الليبية ، في الشرق والغرب ، لمحاولة الحد من آثار المشاكل الاقتصادية على المجتمع. ومع ذلك ، لا تزال النتائج محدودة حتى الآن.

Oil, Banks and Governance: Economic Realities in a Divided Libya

خاص – لقاء مع النّقيب فرج اقعيم وكيل وزارة الداخلية بحكومة الوفاق الوطنيّ الليبيّة

عانت ولازالت تعاني ليبيا من انقسام سياسي أفرز حكومتين احدها بالشرق والأخرى بغرب البلاد، فالأولى وهي “حكومة الازمة” التي يطلق عليها بالمؤقته جاءت عقب حرب ” فجر ليبيا ” وصراع شرعية البرلمان بطبرق اقصى الشرق الليبي ويترأسها عبدالله الثني وزير الدفاع بحكومة علي زيدان قبل اندلاع حرب فجر ليبيا عام 2013 حيث استمرت هذه الحكومة بشرعية البرلمان ولكن في اكتوبر من عام 2015 افضى الاتفاق السياسي الموقع بمدينة الصخيرات المغربية بين اطراف النزاع والخلاف في ليبيا إلى ماعرف بعدها بحكومة “الوفق الوطني” والتي ترأسها عضو مجلس النواب عن مدينة طرابلس فائز مصطفى السراج. ولكن لحسابات متعلّقة بالخلاف الليبي لم يعترف بها بشكل مباشر جزء من طرفي النزاع اللذان انقسم كل فريق منهما لفريقين آخرين فكان معسكر طبرق لديه مؤيد للحكومة وطرف معارض لها وهذا الحال ايضا شهده معسكر طرابلس او “المؤتمر الوطني العام” الذي انقسم فريق منه إلى مؤيد لحكومة السراج وفريق آخر ظلّ يرفض بنود الاتفاق السياسي.

وهذا ما زاد من تعميق الخلاف والازمة في ليبيا إلى أن وصل الامر إلى الاعتراف بمخرجات الصخيرات مع تعديلات طفيفة في احدى بنود الاتفاق. وفي خضم هذه الاحداث ظلّت حكومة الوفاق تعمل فقط في غرب ليبيا ولكن وفي الاشهر القليلة الماضية بدأت بعض الشخصيات المسؤولة وكذلك بعض الاعيان بالمنطقة الشرقية التي لايعترف مسؤوليها بحكومة الوفاق الوطني يتعاملون ويتصلون مع الوفاق ورئيسها وكان آخرهم النقيب فرج اقعيم الذي زار فائز السراج بطرابلس والتقى بوزير الداخلية المكلف عارف الخوجه والذي وبالتنسيق مع فائز السراج رئيس الحكومة عُيّن وكيل وزارة الداخلية. وفي خضمّ هذه التفاعلات كان هذا اللقاء الخاص بمركز الأداء الاستراتيجي الّذي قاده الصّحفيّ والبّاحث في المركز محمّد الصّريط مع النقيب فرج قعيم في ببيته بضواحي مدينة بنغازي.

س \ هل حسمت مسألة تبعيّتكم لحكومة الوفاق أم أنّ كلّ ما يرد في الموضوع مجرد اشاعات ولبس في الاخبار؟

 ج \ نعم لقد كلّفت من قبل وزير الداخلية المكلّف عارف الخوجة وبقرار من السيد فائز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني بليبيا لكي اكون وكيل وزارة الدّاخليّة بليبيا.

هذا التكليف جاء بعد أن تشاورت مع عدد من شيوخ وأعيان قبيلتي، قبيلة العواقير، ومع عدد من أعيان شرق ليبيا الذين باركوا هذا التكليف واعتبروه خطوة جيدة لتحقيق المصالحة وكذلك رأوا فيه نقلة جيدة في ملفّ الاتفاق السياسي وانهاء الخلاف.

س \ هل نسّقت مع الجهات التي تعتبر نفسها هي الشّرعيّة في الشرق مثال الحكومة الموازية؟

ج \ العالم كلّه وحتّى هيئات الداخل واقصد هنا التّيّارات السياسية والعسكرية بما فيهم ابرز القيادات العسكرية تحاور وتقابل مسؤولي حكومة الوفاق، لذلك لا حرج عليّ أو على غيري كما أن خطوتي جاءت بالتنسيق مع القوى الفاعلة والحقيقة وهي القوى الاجتماعية.

س \ ماهي ابرز النقاط التي تناولتها في لقاءك مع السراج والخوجه بطرابلس وهل تعتقد أنّه سيكون لها انعكاسات ايجابية؟

ج \ اعتقد أنّ اهمّ ما قاله السراج علماً بأنّه ذكر مواضيع كثيرة وعده واصداره لأوامر متعلّقة بتخصيص ميزانية جيدة لدعم مراكز الشرطة بشرق ليبيا وخاصة بنغازي، وزيادة مرتّبات الشرطة بنسبة 50%، وتطوير جهاز مكافحة الارهاب وتذليل كافة العقبات التي تواجه هذا الجهاز.

أيضا ترد اهمّيّة تطوير الهياكل الامنيّة والإدارية بهذا القطاع المهم والحيوي من خلال تزويده بكافة التقنية الحديثة لتسهل العمل بمهنية وبمعايير دولية جيّدة.

وهذه النّقاط هي أبرز ما ناقشناه ووافق عليه السراج والخوجه وهذا في حدّ ذاته تقدّم جيّد لصالح ليبيا.

س \ بالعودة للقوى الموازية في شرق ليبيا، ما دوركم وموقفكم من بعض ردود الفعل من قبل القادة العسكريّين الذين أصدروا بيانات ادانوا من عبرها هذا التكليف معتبرين أنّه محاولة لتقسيم “معسكر طبرق”؟

ج \ انا اعمل ضمن الشرعية المحلّيّة وهي شرعيّة توافقيّة مبنيّة ايضاً على ما يعترف به العالم من اجسام سياسية تمثّل الليبيين وهي ممثّلة بحكومة الوفاق الوطني.

كما أنني وعلى الصعيد الشخصي كنت ولا زلت ادعم المؤسسة العسكرية بالكامل فهي طوق نجاة الليبيين في مواجهة كافة التحديات التي تعرقل إمكانيّة قيام دولة مدينة حضارية. كفانا ارهاباً وكفانا استبداداً، ما يريده الليبييون في هذه المرحلة هو الاستقرار ولا اعتقد أنّ هذا سوف يأتي إلّا من خلال التوافق بين مكوّنات المجتمع الليبي وبناءنا لوطن تكون فيه المدنيّة عنواناً للمرحلة الجديدة.

لذلك لا اعتقد أن هناك اناس وطنييون يرفضون التوافق والوفاق بين الاطراف الليبيية التي تتنازع على المناصب وتتجاهل مصلحة المواطنين.

 س \ ما حقيقة ما يقال حول أنّ هناك حالة من النفير بين القوّات التي تعمل تحت امرتك من جهة وبين بعض القوى الموازية بشرق ليبيا من جهة أخرى؟ وهل هناك احتمالية تصادم بينكم؟

ج \ جميع القوى التي تعمل وفق الشرعية تعمل بقصد تأدية عملها ولا اعتقد أن هناك قوى أخرى شرعيّة ينبغي ذكرها هنا، فأنا شخصيّاً قمت بوضع حجر الاساس لعدد من مراكز الشرطة بمدينة بنغازي وسلوق وهي خطوات قد قمت بها ضمن الخطة المتّفق عليها مع السّرّاج حيث وضعت خطة لتأمين مدينة بنغازي من خلال تأسيس غرفة امنية مشتركة بين القوّات الامنيّة والقوّات الخاصّة، والكلّ مرحّب بذلك. نعم هناك بعض الأصوات الّتي لا تؤيد ذلك ولا تتمنّى للبّلاد سوى السّوء ولكنّ هذه الاصوات غير مسموعة ناهيك عن أنّنا سنتصدى لكلّ محاولة تهدف لزعزعة الاستقرار والأمن في ليبيا.

س \ هناك من يتّهم فرج اقعيم وقبيلة العواقير بصفة عامة بالبّحث عن فرص تخدم مصلحتهم الشّخصيّة معتبرين أنّ فشلكم في تحقيق مكاسب في الشرق وفي معسكر الكرامة قادتكم إلى اللجوء إلى السراج الّذي اخذ مطالبكم بعين الاعتبار، فما ردّكم على ذلك؟

ج \ اولاً سأوضّح لك بعض النقاط المهمّة لعلّ من أبرزها أن قبيلة العواقير تعدّ ضمن القبال التي قدّمت الكثير من ابنائها في سبيل هذه الحرب حيث زاد عدد الشهداء من قبيلة العواقير على أكثر من 1500 رجل واعداد مأهولة من الجرحى ايضاً، كما انّني وعلى الصعيد الشخصي اسست جهاز مكافحة الارهاب والذي تصدّى للكثير من الإرهابيّين الّذين جاءوا من درنه عبر “بوابة برسس” وقاموا بتفجيرات داخل بنغازي. وقد سلّمت عدداً منهم للأجهزة المعنيّة في ذلك الوقت أي تحديداً في عام 2014م ممّا جعل بعض “القادة الارهابيّين” يصنّفوني بما اعتبروه “رجل الطواغيت”. كلّ هذه المعطيات وغيرها لا تضعني في خانة الابتزاز أو ما شابه ذلك ولكن ومن باب الإنصاف فيجب عليّ أن أقول إنّه من غير المعقول أن يكون من كان بالخلف ولا يدرك أيّ شيء عن حقائق الميدان هو من يتصدر المشهد.

ازمة الكهرباء في ليبيا: حوار خاص مع عبد المجيد حمزة

 ازمة الكهرباء في ليبيا: الاسباب والحلول الواردة

 لقاء خاصّ مع رئيس مجلس إدارة الشركة العامة للكهرباء في ليبيا المهندس عبد المجيد حمزة

امام تفاقم ازمة انقطاع الكهرباء المتكررة في اغلب المدن الليبية الكبرى كمدينة طرابلس وضواحيها وبنغازي والجنوب بالكامل، فقد اضطرّت الشركة العامة للكهرباء لطرح الاحمال، وهي طريقة تقوم الشركة من خلالها بقطع الكهرباء على المدن لفترات طويلة من الوقت ثم ترجعها من جديد وبالتناوب بين المدن. امّا استمرار هذا الوضع فقد زاد من حالة الاحتقان لدى الكثير من المواطنين إلى أن خرج البعض منهم عن طورهم مثال عدد مهمّ من اهالي بعض المناطق الّذين قاموا بمهاجمة موظفي الشركة العامّة للكهرباء وتعرّضوا لهم بالضرب والاهانة.

ولمناقشة هذا الملف المهم كان هذا اللقاء الّذي اعدّه الصّحفي والبّاحث في مركز الأداء الاستراتيجي (ستراكتيجيا) محمّد الصّريط مع رئيس مجلس إدارة الشركة العامة للكهرباء المهندس عبد المجيد حمزة الّذي وافانا بوجهة نظره حول اهمّ التّطوّرات القائمة في ليبيا والمتعلّقة بازمة الكهرباء وتأثيرها على الوضع السّاري في البّلاد عموماً.

 

س \ هناك من يروج داخل ليبيا فكرة أنّ ازمة الكهرباء القائمة في البّلاد قد تكون ازمة مفتعلة لا فنّيّة كما يروّج البّعض، هل هذا الكلام قريب للواقع؟

ج \ بالطبع هذا الكلام غير منطقي وليس بالقريب ولا بالبعيد عن الواقع فالأزمة التي تمرّ بها ليبيا فيما يخص الكهرباء هي ازمة وهي ناتجة عن عدم تعاون المواطن مع الدّولة. بمعنى ادقّ فهناك عجز في الانتاج مقابل وجود قوّة استهلاك كبيرة فقوّة الاستهلاك الحالية تصل إلى ما بين 5500 إلى 6000 ميغاوات بما معناه أنّ الوضع الحاليّ يشابه ما حدث في شهر يناير من هذا العام عندما وصل عجز الإنتاج إلى ما يقارب ال1800 ميغاوات. وهذا يجعل الكثير من المحطات تخرج عن الخدمة بسبب كثرة الطلب على الكهرباء وهو ما لا يتوافق مع قدرة الانتاج ومن هنا دواعي اللجوء لطرح الاحمال.

لذلك فهذا الامر ليس له علاقة بالتوجّهات والمواقف السياسية أو غيرها بل هو امر فني بحت.

س / كيف يمكن مواجهة هذا العجز في الوقت الرّاهن وبقصد التّخفيف عن عبء المواطن الذي يعاني قلّة السّيولة وانقطاع الكهرباء؟

ج \ يجب أن يتعاون المواطن بالدرجة الأولى وأن يستوعب المرحلة الحرجة التي تمرّ بها البلاد من خلال تكثيف الجهود، وبالفعل بإمكاننا أن نخرج من هذه الازمة من خلال تكثيف الجهود والتقليل ممّا أطلق عليه تسمية ” الاستهلاك العبثي”.

فمن ناحية نحن الآن بصدد صيانة بعض المحطات المتوقفة بطرابلس لتزويد المستهلك بالإنتاج سواء كان هذا المستهلك مواطن او صناعي أو زراعي. ولكن ما نطلبه هو الترشيد في الاستهلاك وإدراك المواطن للواقع ولحجم الازمة، فعلى سبيل المثال فقد قمت شخصيّاً بزيارة إحدى صالات البيع بإحدى الاسواق التجارية بطرابلس فوجدت هذه الصالة تحتوي على ما أكثر من 1600 مصباح علماً بأنّ هكذا أمر غير مقبول حيث أنّه في الكثير من الاحيان نحن نرى أنّ إضاءة المنازل والمحلّات والشركات تجري في وضح النهار حينما يخرج الموظّفون مع نهاية الدوام دون إقفال ما لا يحتاجونه من إضاءة ومواد كهربائيّة.

ايضا يتم ايجاد الحلول من خلال اعطاء فرصة لشركات الانشاء باستكمال مشاريعها داخل المدن والمناطق ودون التعرض لها من قبل الخارجين عن القانون، وعلى هذا الصّعيد فإنّ ملاحقة الاجهزة المعنية لهم سيكون سبب مهم في اجتياز الصعوبات. 

س / هناك من يقول أن مصر وتونس والمغرب اقلّ استهلاكاً للكهرباء من ليبيا بالرّغم من وجود قاعدة صناعية اوسع واهمّ في هذه البّلاد فما تفسيركم لذلك؟

ج \ نعم هذا صحيح، انا شخصياً إتّصلت بمدير شركة الكهرباء ” استاك ” بتونس السّيّد يونس الغرابي والذي قال لي انّه في بداية هذا الصيف وصلت درجة الحرارة إلى 47 درجة مئويّة مما جعل قدرة استهلاك تونس للكهرباء تصل لـحدّ ال4524 ميغاوات وهو رقم لم تعرفه تونس من قبل. برغم من أن عدد سكان تونس 9 ملايين نسمة فهم في متوسط استهلاكهم للكهرباء لا يتعدّون ال4200 ميغاوات، بينما في ليبيا الّتي وصل عدد سكانها إلى 5.847089 مليون نسمة حسب إحصائية عام 2012 فإن استهلاك الكهرباء فيها 7350 ميغاوات بينما قدرة الانتاج 5500 ميغاوات.

لذلك فإن استهلاك المواطنين الفّعلي في عدد من الدول يعادل في أغلب الاحوال 3 اضعاف ما يستهلكه المواطن في ليبيا، وهذا يرجع لأسباب عديدة لعل الانفلات الامني وتوقف الشبكة عن الصّيانة بسبب خروج الشركات الاجنبية من البّلاد له الدّور الاكبر في خلق هذا الوضع إلى جانب النّتائج الواردة عن تمادي المواطن في التّعاون مع الشركة. 

س / لماذا قبل عام 2011 كان إنتاج واستهلاك ليبيا لا يتعرّض لازمات مثل تلك الّتي تمرّ بها البّلاد الآن؟

ج \ في عام 2010 لم يتجاوز إنتاج ليبيا الكلّي من الكهرباء ال5100 ميغاوات بينما في عام 2003 لم يتعدّى إنتاج البلاد ال4200 ميغاوات، فعندما يساوي التوليد والانتاج حاجة الإستهلاك لا تكون هناك مشكلة ولكن عندما يحدث عجز في الإنتاج وتنامي الاستهلاك هنا تحدث المعضلة. هذا وقد زادت الاحمال في ليبيا وذلك تحديداً مع نهاية عام 2012 عندما إرتفعت ووصلت حاجة المواطنين إلى ال3000 ميغاوات وهو رقم فلكيّ بالمقارنة بعدد السكان وقدرة الانتاج إلى جانب عدم قيام المواطن بسداد فواتير الكهرباء، كما انّنا نعدّ الدولة الوحيدة في العالم التي لا يقوم مواطنوها بسداد فواتير الكهرباء فيها وهو جزء اخر من المعضلة. 

س / هل هناك خطّة اعدتها الشركة للخروج من هذه الازمة نهائيا أو على المدى البّعيد؟

ج \ هناك خطّتين في الواقع، الأولى تتعلّق بالشّركة وبعملها الفنّيّ امّا الثانية فتتعلّق بالدّولة وبأجهزتها الضبطيّة والرّقابية. وفيما يخص دور الشركة فنحن الآن نقوم بتطوير محطات عدّة في ليبيا منها محطّات الخمس والزّاوية وطبرق وزويتينه واوباري وسرت وكلّها كفيلة بأن تجعل القدرة الانتاجية ذات كفاءة عالية، فمحطّة خمس ستوفر ما يقارب ال550 ميغاوات بينما محطة اوباري ستوفر 230 ميغاوات ومحطّة سرت 640 ميغاوات، وبالتّالي سيكون لدينا 8770 ميغاوات وهو رقم ضخم سوف ينهي الازمة، بالإضافة إلى الفّائدة الّتي ستنتج عن إعادة تفعيل العقود الكبيرة مع الشركات الاجنبية وهي عقود أبرمت في عامي 2009 و2010 وهي خاصّة ببناء وتطوير محطات جديدة كبيرة جدا ستجعل من ليبيا دولة ذات قدرات إنتاجيّة كبيرة جدّاً في مجال الطّاقة.

مقابلة خاصة مع السيد فايز السراج

 

لعل اهمّ ما أفرزه اتفاق الصخيرات هو كيفية خلق توافق بين الليبيين الذين انقلب عدد منهم على بعضه البعض وشكّل هذا الانقلاب حالة من التصادم ترجمت في الكثير من الأحيان إلى موجة من سفك الدماء. كانت بعض الاطراف قد تأمّلت بدايةً في أن يكون هذا الإتّفاق نواة لوضع اسس لنهاية هذا الصراع، غير أن معاهدة ضخيرات قد تحتاج في كثير من نقاطها وكما يقول عدد من الأطراف الموقّعة عليه إلى إعادة صياغة في بعض بنوده ليتحقق الوفاق المنشود.

وعلى هذا الأساس فقد قام مركز الأداء الإستراتيجي بمحاورة رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق السّيّد فائز السراج في مقابلة خاصّة ننفرد بنشر اهمّ محاورها.

 

سؤال: السيّد فائز السّرّاج، ماهي اهمّ النّقاط التي لم تتّفقوا عليها مع السّيّد خليفة حفتر اثناء لقائكم به بباريس والّتي لم تذكر في الإعلام؟

جواب: لا توجد نقاط محدّدة بذاتها فالاتفاق المبرم بباريس من المفروض أن يعكس حالة من الاستقرار والثقة في ملف الخلاف الليبي بل ويُعتبر الاتفاق الذي وقعناه في باريس هو موافقة حفتر على خارطة الطريق التي اطلقتها والتي تعدّ من ابرز نقاطها الدعوة للانتخابات في بداية شهر مارس من العام القادم.

 

س: هل تعتقد أن السّيد حفتر وبعد توقيعه للاتفاق أو المبادئ المهمة التي اصدرتموها بعد اللقاء لن يتصرّف ويعرقل الاتفاق السياسي؟

ج: نحن لا نعتقد أنه سيكون معرقلاً بقدر ما هو وما يمثله من تيار داعمين للإتّفاق، فهو طرف من ضمن اطراف الخلاف في الملف الليبي ولكنّه ايضاً مفتاح لإيجاد الحلّ.

 

س: من ابرز الّنقاط الّتي ينبغي ذكرها رفض السّيّد عقيلة صالح، رئيس البرلمان والّذي هو طرف اساسيّ في الخلاف الليبي، لخارطة الطريق التي اطلقتها. لم توضّح الآلية التي سيتم إعتمادها حول إقتراحك المبني على دعوة للانتخابات خصوصاً في ظرف شكّك فيه السّيّد عقيلة صالح في شرعيّتك… 

ج:–بخصوص الشقّ الاول من السّؤال نحن وضعنا مبادئ عامة وخطوط عريضة ولكن التفاصيل يفترض أن تناقش من قبل طرفي الخلاف على أن يطوّروا الخطط والآليّات اللازمة لتطبيق النقاط وتعديل ما يرونه من المهمّ تعديله، بمعنى يجب أن تجتمع لجنة الحوار للبرلمان مع المجلس الأعلى للدولة بغاية تقرير التعديلات والإضافات اللازمة.
أمّا بخصوص مسألة الشّرعية فهذه نقطة جدليّة. انا شخصيا كنت عضواً في مجلس النوّاب وحضرت جميع الجلسات في طبرق في زمن كان فيه اعضاء عن مدينة طرابلس يمكثون في العاصمة ولم يذهبوا لطبرق إلا مؤخراً، لذلك اعد ايّ خصم أو طرف بعدم التّصرّف بأيّ شيء إزاءهم شرط ألّا تكون في ذهنهم حسابات اخرى.

 

س: ماهي ابرز النقاط التي تعتقد أنها تضمنتها خارطتك والتي تسعى كما قلت لانهاء الخلاف ؟

ج: المقترح الذي قدّمته يتناول الكثير من البنود والمقترحات الّتي وصلت اليها نتيجة متابعتي للمشهد السّياسيّ ورصدي لجميع النقاط التوافقية والخلافية الواردة في الساحة الليبية والتي اعتقد أنّ من اهمّ مكتسباتها الدّعوة للإستقرار التّام ووقف اطلاق النار بالكامل حتى الاستحقاق الانتخابي.

ايضا اودّ إرسال رسالة للمواطن الليبيّ وللعالم اجمع مفادها أنّنا نحن في المجلس الرئاسي لا نسعى إلى ولا نرغب في الحكم بقدر ما نهتمّ بتحقيق الاستقرار الذي يساهم في خلق توافق وتفاهم يدعمان هدفاً واحداً وهو بناء الدولة، إلى جانب دعوة كافة مؤسسات الدولة وعلى مختلف تبعياتها سواء للوفاق أو حتى تلك التي تتبع الازمة إلى تحمّل مسؤوليّاتها حيث أنّ تقديم الخدمات للمواطن لا يحتاج إلى إذن او تصريح بمعنى إذا ارسلنا احتياجات بإسم حكومة الوفاق مثلا لوزارة الصحة إلى البيضاء اقصى الشرق والتي تسيّرها حكومة الازمة لا يتم حينئذٍ رفض المساعدات واصدار امر قضائي بسجن المبعوثين. وللأسف هذا ما حدث مع وزير التعليم المفوّض بحكومة الوفاق عندما ذهب للبيضاء للمساعدة والوقوف على اخر المستجدات في قطاع التعليم بالمدينة حيث اصدرت آنذاك حكومة الازمة الموازية قراراً بإلقاء القبض على الوزير.

لذلك نسعى إلى إيصال رسالة لكافة المتخاصمين مفادها انّنا في حكومة الوفاق بعيدون كلّ البعد عن التجاذبات ولسنا طرفاً وأنّ خدمات المواطن ليست سلاحاً يُستخدم لمواجهة الخصم.

بالإضافة إلى ذلك ألفت الإنتباه إلى أنّ المقترح يتضمّن فكرة أنّ مدنيّة الدّولة ووحدة السلطة وتوحيد المؤسسة العسكرية هي مبادئ لا نختلف عليها وتعتبر كلّها خطوات تسير في الطريق الصحيح.

 

س: ما ردّة الفّعل من الاطراف السياسية ازاء هذه المبادرة ؟

ج: الكثير منهم بدأ يشعر بالإحراج والقلق ومنهم من بدأ في التّواصل معنا ولكن للاسف لم نلتمس منهم الجدّيّة في المساهمة في حل الازمة والخلاف بل أنّ جزءاً كبيراً منهم كان يسعي ولو بشكل خجول لمعرفة ما هو مصيره وماذا عن مكاسبه التي كان يتحصل عليها عند تقديم نفسه كمستشار أو متخصص في جانب من الجوانب الّتي تفيد المشهد السياسي الجديد حسب قوله ومزاعمه!!!…

انتهى اللقاء بالسّيّد فائز السراج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبي والذي جرى معه في العاصمة طرابلس ولا يسعنا إلّا لفت الإنتباه ايضاً إلى المجهودات الواضحة الّتي تمّ تطويرها في الجانب الأمنيّ بالعاصمة حيث اصبح الاستقرار الأمنيّ هو المسيطر على طرابلس بعد تولّي العميد نجمي النكوع منصب آمر الحرس الرئاسي حيث تمّ طرد واستبعاد الكثير من قادة المليشيات بالعاصمة ودمج افرادها دون قيادتها التي تمّ القبض على اغلبها لعلّ هذا خير مدلول على إنفتاح مرحلة جديدة في العاصمة الليبيّة.

 حوار خاصّ بمركز الأداء الإستراتيجي اجراه محمّد الصّريط

حقوق النّشر محفوظة

[/vc_column_text][/vc_column][/vc_row]

التّطوّرات الأمنيّة في طرابلس ومسألة بروز “حفتر الرّغب” – بقلم محمّد الصّريط

بعث الإجتماع الّذي أقيم يوم الثّلاثاء ٢٥ يوليو في باريس بين كلّ من رئيس حكومة الوفاق الوطنيّ فايز السّرّاج والمشير خليفة حفتر بروح الامل لدى المواطن الليبي عموماً وبشكل اخصّ في العاصمة طرابلس، وقد زادت من هذا التّفاؤل الأنباء الواردة والّتي تشير إلى أنّ هناك اتفاق على عدّة نقاط محوريّة منها وقف إطلاق النار وإجراء انتخابات مسبقة في ربيع عام ٢٠١٨م.

ويرى الكثير من الليبيّين أنّ هذه التّطوّرات هي مؤشر على بوادر اتفاق جدّي بين الرّجلين معتبرين أنّ المشير خليفة حفتر قد وافق على خارطة الطّريق المطروحة من قبل فايز السّرّاج الّتي اطلقها في الفترة الماضية والتي تنصّ على عدّة نقاط اساسيّة لعلّ من اهمها الاتفاق على دعوة لانتخابات مبكرة وعقد مؤتمر مصالحة كامل وشامل.

وما يحدث الآن في طرابلس من إجتماعات أمنيّة وعسكريّة والتّنسيق الامني الكبير الوارد بين بعض الجهات والّذي لم يسبق وحدث في ليبيا منذ عام 2011 ـ بهذا الشكل على الأقلّ ـ وكذلك التّوافق الكبير الّذي تشهده العاصمة طرابلس كلّها خير أدلّة على أن هناك خطوة قد يراها البعض بطيئة ولكنّها مهمّة وتصبّ في مصلحة البّلاد، غير أنّ النّجاح يترتّب أيضاً على مدى التّوافق الوارد بين الليبيّين إلى جانب أهمّية مسألة إدماج جميع القوى العسكريّة وخاصة الكبيرة والمهمّة منها ضمن هيكل عسكريّ رسميّ وموحّد.

غير أنّ الواقع يدلّ على أنّ بعض هذه القوى العسكرية الكبيرة لم يبرز حتّى الآن موقفها الرّسميّ من مسألة التّوافق، مثال قوّات مصراته الّتي لم يتّضح موقفها برغم ممّا يعلمه الجميع وهو أنّ أكبر الكتائب الّتي تدعم حكومة الوفاق اصلها من مصراته. هذا وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ بعض الاصوات بدأت تتعالى في مصراته مطالبةً بنسف الإتّفاق المعلن في باريس وهذا دليل على شعور هؤلاء الخذلان أو التقصير من قبل بعض الاطراف وتحديداً من طرف الرّئيس فايز السّراج، فيبقى السّؤال هنا: ما الّذي قد تؤول إليه الأمور علماً بأنّ كتيبة الحلبوس وكتيبة المرسى ـ وهي من أكبر الكتائب القائمة في مصراتة ـ هي المسؤولة عن حماية وزير الدفاع ووزير الدّاخليّة وحتّى الرّئيس السّرّاج نفسه.

من هذه الصّورة العامّة ننتقل إلى لبّ الموضوع حيث عقد آمر الحرس الرّئاسيّ العميد نجمي النّاكوع مؤخّراً إجتماعاً في مدينة طرابلس اقتصر على الاجهزة الامنية ” الطرابلسية ” فقط دون إشراك القوّات المسلّحة الأخرى القادمة من مدن ومناطق كمصراته والزنتان الّتان تعدّان أكبر القوى العسكرية في غرب ليبيا. قد يتأمّل البّعض في هذا الأمر معتبرينه خطوة جيدة كون أن ردة الفعل لأصداء الاجتماع في العاصمة طرابلس كانت إيجابيّة لغاية الآن، غير أنّ هذا الواقع ينبّئ بأنّ القوّة الفّاعلة والحقيقيّة والتي تملك ترسانة كبيرة (أيّ القوى المصطفّة إلى جانب الرّئيس فايز السّرّاج) يهدّدها الإنشقاق، إذ أنّه في حال افرز لقاء حفتر والسراج بأنّ يكون لحفتر دور رائد في المستقبل سيعتبر أغلب “المصراتيون” هذا الأمر مبايعة من السراج لحفتر وليس اتفاق ممّا قد يؤدي لنتائج وخيمة.

يضاف إلى ذلك أنّ هناك بعض الاخبار المتداولة لدور نجمي النّاكوع المتنامي في العاصمة طرابلس حيث اصبح هذا الرّجل قوّة كبيرة لا يستهان بها وهناك من ذهب لابعد من ذلك واعتبره مرادف لحفتر في الغرب. تقع ميّزة النّاكوع كونه شخصية غير جدلية في ليبيا على الرّغم من أنّ هذه لا يشير بالضّرورة إلى إمكانيّة أن يحصل على منصب رئيس أو رقم مهمّ في المعادلة الليبية، لكنّ هذا لا يمنع تمتّع نجمي النّاكوع بدورٍ قويهٍ في المشهد العسكري والامني الليبي وخاصّة في طرابلس وممّا يزيد من اهمّيّته إستطاعته سيطرته الأمنيّة على مدينة طرابلس بالكامل بزمنٍ قصيرٍ جدّاً على الرّغم من كمّ التّحدّيات الواردة في عاصمة يقارب عدد سكّانها المليونين نسمة.

[/vc_column_text][/vc_column][/vc_row]

Back To Top